الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معاناتي من الخجل جعلتني أترك حقي!!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني كثيراً من الخجل، حيث لا أستطيع مواجهة الناس، وكثيراً ما أترك حقي بسبب الخجل والحياء، لدرجة أني حينما أتكلم مع أحد يحمر وجهي وأتلعثم، وأحياناً عندما أتعرض لسؤال يحمر وجهي وكأنني متهم، فما الحل؟!

علماً بأني أخاف جداً من الظلام، وهذا الأمر منذ صغري وليس بجديد.

أكرمكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Muslim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك حددت مشكلتك بصورة واضحة، وهي أنك تعاني من الخجل، وهذا الخجل تحول بعد ذلك إلى ما يمكن أن نسميه بحالة بسيطة من المخاوف الاجتماعية.

والخوف عامة يكون مكتسبا نتيجة لخبرات حدثت في الطفولة قد يكون تعرضت لمواقف لا تتذكرها الآن، ولكن هذه الخبرة السلبية لعبت دورا كبيراً في معاناتك من الخوف وهذا الخجل المستمر، وإذا كان لديك شيء من الحياء فهذا طيب، فالحياء من الإيمان، وإن شاء الله يكون هذا أمر إيجابياً وليس أمراً سلبيا.

وفيما يخص أعراض الخجل والمخاوف هذه تعالج بما يسميه علماء النفس التعريض مع الاستجابة، والتعريض يُقصد به أن تعرض نفسك دائماً للمواقف التي تحس فيها بالرهبة وبالقلق لأن التجنب يؤدي إلى المزيد من الخوف والانحسار والركون الاجتماعي هنالك نوع من المواجهة بما نسميه المواجهة في الخيال ويقصد بها أن تتأمل وأنت وحدك تتأمل أنك في مواجهة موقف اجتماعي لا مفر منه مثل أن يطلب منك أن تصلي بالناس بالمسجد مثلاً أو أن تقدم عرضا أمام الأساتذة وزملائك من الطلاب أو تشارك أي مشاركات اجتماعية أخرى وهذه مواقف تحدث في الحياء ليست أمراً خياليا أو مستبعد الوقوع، تأمل هذه المواقف ولابد أن يكون التأمل ممتدا لمدة عشر دقائق على الأقل بصفة يومية مع التركيز وأخذ الأمر بجدية.

ثانياً: أنصحك بأن تحقر فكرة الخوف أنت لست بأقل من الآخرين، وحقيقة من أكبر المشاكل التي يعانون من هذه المخاوف هو دائماً استصغارهم لأنفسهم وقياسهم لشخصياتهم بصورة سلبية جداً، فأنت لا تقل بأي حال من الأحوال عن الآخرين وانظر إلى هؤلاء الناس الذين يتحدثون في الأماكن العامة ويؤتون ويروحون دون أي صعوبة فقل لنفسك: لماذا لا أكون مثلهم وهنالك أمر آخر أود أن أؤكده لك أنك لست تحت المراقبة من الآخرين الكثير من الذين يعانون من الخوف الاجتماعي يعتقدون أنهم تحت مراقبة الآخرين وهذا يزيد من قلقهم ويزيد من توترهم وأنا أؤكد لك أنه لا يوجد شيء من هذا مطلقاً.

احمرار الوجه والتلعثم هي أعراض مبالغ فيها أنت تستشعرها بصورة مضخمة فاحمرار الوجه يحدث ولكن ليست كما تتصوره وهو ناتج من زيادة في تدفق الدم لأن الدورة الدموية تنشط أكثر في أوقات القلق، أما التلعثم فهو ناتج من التركيز الشديد على الحديث والنطق لأنك تريد أن تكون مجيدا وهذا يجعلك تشعر بهذا التلعثم وهنالك من يحس بالرجفة أو العرق أو هكذا وهذه كلها أعراض مبالغ فيها.

هنالك مهارات اجتماعية لابد أن تركز عليها وهي أن تنظر إلى الناس في وجوههم، ابدأ بمن تعرف من أصدقائك وجيرانك، وتذكر أن (تبسمك في وجه أخيك صدقة) فحين تقدم على أصدقائك سلم عليهم وأنت مبتسم، وهذه اللحظات الأولى في اللقاءات هي المهمة، إذا أفلح الإنسان فيها ونجح فيها بعد ذلك سوف يجد نفسه في قمة الاسترخاء وحسن الأداء وسوف تبني انطباعات إيجابية جداً عنك لدى الآخرين.

أنصحك أيضاً بالتفاعل الاجتماعي الجماعي عليك أن تمارس الرياضة مع الآخرين مثل لعب كرة القدم أو أي نوع من الرياضة الأخرى: حضور حلقات تلاوة القرآن أمر مفيد وعظيم جداً ولدينا تجارب إيجابية كثيرة مع بعض الإخوة الذين نصحناهم بهذا الأمر وكانوا يعانون من الخوف والرهاب الاجتماعي وبعد ذلك أتوا وبلغونا أن الخوف قد انقضى تماماً لأن هذه الحلقات هي حلقات خير وبركة وتحفها الملائكة ويحس الإنسان فيها بالطمأنينة لأنه يكون فيها جالساً مع الأخيار والإنسان حين يجلس مع الخيرين والصالحين لا شك أن ذلك فيه عون له على مصاعب نفسه وعلى تقوى الله فاجعل لنفسك نصيبا من ذلك.

أنصحك أيضاً بالتركيز على دراستك وإدارة وقتك بالصورة الجيدة، بقي أن أقول لك: إن الخوف من الظلام أيضاً يحقر، الخوف من الظلام والحيوان والحشرات هي من مخاوف الطفولة المنتشرة جداً ولكن يستغرب أن تستمر مع الإنسان فأنا أريدك أن تقتحم هذا الخوف وأن تطفئ الإضاءة وأنت جالس بالغرفة، ابدأ بإطفائها لمدة دقيقتين ثم بعد ذلك يمكن أن تضيء الغرفة وبعدها أغلق الإضاءة أيضاً لمدة خمس دقائق وهكذا في مرة تزيد المدة، وتذكر دائماً أن الليل هو وقت السكون وهو وقت يحس الإنسان فيه بالاسترخاء، وتذكر أن في الظلام نعماً كثيرة لأن كثيراً من المواد الكيميائية البيلوجية لا تفرز إلا في أثناء الظلام وأثناء الليل.
إذن أخي الكريم المواجهة والتفكير السليم والصحيح هو الذي يجعلك تتخلص من هذه المخاوف.

وتوجد أيضاً أدوية ممتازة تساعد في علاج مثل حالتك وهذه بشرى عظيمة يوجد عقار يعرف باسم لسترال واسمه التجاري الآخر زولفت ويسمى علمياً باسم سيرترالين Sertraline وهو بحمد الله متوفر في مصر وأعتقد أن سعره معقول، ابدأ بتناول هذا الدواء بجرعة حبة واحدة 50 مليجرامليلاً لمدة شهرين ثم ارفع الجرعة إلى حبتين في اليوم أي 100 مليجرام ويمكن تناولها ليلاً أيضاً استمر عليها لمدة ستة أشهر ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، وحتى تتمكن من إيقاف الدواء بصورة صحيحة تناول حبة واحدة كل يومين لمدة شهر ثم توقف عن تناول الدواء، الاسترال من الأدوية السليمة والفعالة وغير الإدمانية، وتوجد أدوية أخرى مشابهة مثل الفافرين والزيروكسات والسبراليكس، ولكني أعتقد أن لسترال سيكون كافيا بالنسبة لك.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج الخجل سلوكياً في الاستشارات التالية: (267019 - 1193 - 226256 - 259955)، ولقلة الثقة بالنفس: (265851 - 259418 - 269678 - 254892)، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب ونسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً