الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

علاج التغيرات النفسية (حالات الخجل بعد حالات الجرأة)

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر عشرين ربيعاً، معروفٌ عني كثرة المزاح والضحك، بل إنهم يسمونني بالاجتماعي، ولكن تقريباً في الصف الأول الثانوي الفصل الدراسي الثاني أصابني أمر وأعتقد أنه خجل، الأعراض التي أحس بها أولاً: تضيع عليّ الكلمات، أبحث عن كلمة واحدة فلا أجد، أيضاً تتغير ملامح وجهي، والكل ينظر إليّ باستغراب -ولا حول ولا قوة إلا بالله- أيضاً احمرار الأذان.

والله إنني من قبل كنت أنتصر على من أمامي رغم أن الحق معه، كنت جريئاً جداً لدرجة كبيرة من قبل، كنت أبحث عن التجمعات لكي أدخل بينهم، أما الآن فالعكس صحيح، فهل ما أصابني هو عين أم مرض نفسي أم ماذا؟

يعلم الله أنني لم أكن هكذا من قبل، لا أعلم ما الذي أصابني، فأفيدوني بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلطان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن الإنسان قد تتغير أحواله وقد تتبدل أحواله النفسية وأحواله الوجدانية، فالإنسان هو كتلة من العواطف الوجدانية والإنسانية والاجتماعية، وأنت وصفت نفسك بأنك شخص متواصل واجتماعي ومرح، وفجأة أصبحت تعاني من صعوبات عند المواجهة، ومما وصفته لك أقول لك: أنك أصبت بما نسميه بالقلق أو الخوف الاجتماعي الظرفي، هذا الشعور بعدم الارتياح، عدم وجود الكلمات المناسبة للتعبير، تغير ملامح الوجه، الاحمرار الذي يحدث في الأذنين، وهذا كله ناتج من تغيرات فسيولوجية، وهذه التغيرات الفسيولوجية خاصة احمرار الأذن، هو ناتج من زيادة في تدفق الدم، وهذا نلاحظه دائماً مع القلق، والقلق الاجتماعي كثير في هذه الأيام، وبعض الشباب في مثل عمرك تكون لهم آمال وطموحات وهناك قضايا الانتماء والهوية وخلافه ربما على مستوى العقل الداخلي أو مستوى اللاوعي تكون هنالك مواقف فيها شيء من عدم الرضى، قد تكون هنالك خبرات سالبة في الماضي مثل أنك قد تعرضت لموقف فيه شيء من القلق أو الخوف، ولكنك لم تعريه اهتماماً في ذاك الوقت، وبدأت تظهر عليك هذه الأعراض الآن.

الذي أريده منك أن تعرف أن القلق أيّاً كان نوعه هو طاقة ليحرك الإنسان، يحركه من أجل أن يتفاعل من أجل أن ينتج من أجل أن يتعلم من أجل أن يقرأ من أجل أن يعمل من أجل أن يقوم بواجباته الدينية والاجتماعية وخلافه، ولكن هذا القلق ربما يأخذ منحى آخر ويصبح قلقاً سلبياً حين يشتد ويؤدي إلى شيء من التعطيل والإعاقة – إذا جاز التعبير – والذي تعاني منه هو في رأيي أمر بسيط، هو قلق ظرفي يسمى بقلق الأداء، لا أعتقد أن الأمر فيه عين أو سحر، أو شيء من هذا القبيل.

نحن نؤمن تماماً بوجود العين والسحر وكل هذه الأشياء، ولكننا في نفس الوقت نؤمن أن الله خير حافظ وأن المؤمن عليه دائماً أن يحافظ على صلواته وتلاوة القرآن والأذكار والدعاء، وأن يسأل الله تعالى أن يحفظه، هذا كل المطلوب.

وعليك أن تثق بنفسك وأن تثق في مقدراتك، وأن تواجه هذه المواقف دون أي خوف أو رهبة، والذي أود أن أذكرك به هو أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك؛ لأن من أسوأ الأشياء التي تحدث حين يعاني الإنسان من هذا القلق الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي الذي يحدث عند المواجهة هو اعتقاده أنه مراقب من قبل الآخرين أو أنه سوف يفشل أمام الآخرين، وهنالك من يأتيك ويقول لك أنا أرتعش، أنا أتلعثم، أنا تأتيني دوخة، أنا سوف أسقط، أنا سوف أفقد السيطرة على الموقف، وهكذا، هذا كله ليس صحيحاً، نعم هي مشاعر ولكنها ليست بهذه المبالغة وليست بهذا الحجم الذي يعتقده البعض.

هذا -إن شاء الله- تفاعل نفسي بسيط نعتبره طبيعي لدرجة كبيرة، عليك فقط بالمواجهة، وعليك بالثقة في نفسك، وأعتقد حتى نسهل الأمر إن شاء الله وتزيل هذه الأعراض تماماً أنصحك بتناول أحد الأدوية المضادة للمخاوف لمدة ثلاثة أشهر فقط، الدواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسة مليجرام – أي نصف حبة من فئة الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام – يومياً لمدة عشرة أيام، ثم ارفعها إلى عشرة مليجرام يومياً لمدة شهرين، ثم خفض الجرعة إلى خمسة مليجرام يومياً لمدة عشرة أيام، ثم إلى خمسة مليجرام كل يومين لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.

الدواء هو من الأدوية الجيدة الفعالة وغير الإدمانية ويساعد في علاج القلق والخوف، عليك أيضاً بالحرص على الأنشطة الاجتماعية الفاعلة: ممارسة الرياضة الجماعية، الانضمام لأي عمل شبابي أو تطوعي أو خيري، هذا -إن شاء الله- يصقل الإنسان إيجابياً ويزيل هذه الطاقات السلبية.

نحن نقول: أن المشاركة في حلقات تلاوة القرآن ذات فائدة عظيمة في علاج الخوف والقلق والتوتر، أضف إلى ذلك -إن شاء الله بإذن الله- لك أجر عظيم في هذا.

فهذا كله -إن شاء الله- من الوسائل العلاجية الجيدة، وعليك أيضاً بالانهماك في دراستك، والاجتهاد، ولابد أن تكون لك آمال وأن تكون لك أهداف، وأن تكون إن شاء الله من المتميزين البارعين، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك كثيراً على ثقتك في إسلام ويب وتواصلك معنا في هذا الموقع المبارك.

ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول علاج الخجل سلوكياً : (267019 - 1193 - 226256 - 259955).

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً