الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت حقودة وحسودة جدًا، ولا أعرف كيف أتخلص من ذلك!

السؤال

أصبحت قبيحة جداً من الداخل، بمعنى أني أصبحت إنسانة حقودة وحسودة جداً، غصباً عني، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وكيف أحصل على الرضا؟ لأن شعوري هذا يؤلمني كثيراً، حتى إني أصبحت أحقد على أقرب الأشخاص لي! كما أني أصبحت عصبية جداً، وأغضب من أقل الأشياء، ولا أستطيع تحملها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Marwa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

إن الإنسان حين يعتبر ويستشعر مشاعره بصورة صحيحة ومجردة فهذه خطوة كبيرة نحو العلاج، كثير من الناس تكون لهم صفات ومشاعر ذميمة ولكنهم يلجؤون إلى النكران والتبرير والتسويف، وتأخذهم العزة بالإثم كثيراً، مما يجعل هنالك غشاوة كبيرة على تفكيرهم لا تعينهم على أخذ القرار الصحيح، أو تصحيح الاعوجاج الذي حل بنفسهم.

الحقد والحسد لا شك أنه من الصفات الذميمة، والقيمة الإنسانية الرفيعة هي الوسيلة الصحيحة للقضاء على مثل هذه المشاعر، نعرف أن الأمر قد لا يكون بهذه السهولة، ولكن إذا جلست مع نفسك وفكرت وتأملت وتدبرت وقيمت هذا الحقد والحسد والمآلات السيئة التي تؤدي إليها مثل هذه المشاعر، لا بد أنه سيبني مشاعر وقيماً جديدة، فمن الجميل أن أعرف عيوبي، ولكن سيكون من الأجمل لو استبدلتها بمشاعر أخرى مخالفة لها.

أنصحك نصيحة هامة: وهي أن تطلبي العون من الله تعالى أولاً، ثم من الرفقة الطيبة الصالحة، يجب أن تكوني دائماً في رفقة الصالحات والطيبات، فالإنسان الذي يتخذ الرفقة الطيبة هذا يعدل في شخصيته كثيراً، وفي نمطه السلوكي وفي طباعه.

نصيحتي الأخرى لك: هي اللجوء إلى أعمال الخير، والانضمام إلى الجمعيات الشبابية وجد أنه مفيد في مثل هذه الحالات، لا شك أن أعمال العصبية والتوتر والقلق قد زادت من مشاعر الحقد والحسد لديك، وربما يكون وجود الحسد والحقد أصلاً هو البداية التي منها تكونت مشاعر القلق والعصبية، وهذه أدت إلى زيادة مشاعر الحقد والحسد، مما أدخلك في حلقة مفرغة.

أنا أنصح لك بأحد الأدوية التي أراها مفيدة لدرجة كبيرة لعلاج العصبية والتوتر، وأسأل الله تعالى أن تجعلك هذه الأدوية أكثر استرخاءً وتفهماً وقبولاً لذاتك، مما يساعدك على نزع مشاعر الحقد وما وصفته بالحسد.

الدواء الذي أنصحك بتناوله يعرف باسم لسترال (Lustral) ويسمى تجارياً أيضاً باسم الزولفت (Zoloft) واسمه العلمي هو سيرترالين Sertraline، وأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة 50 مليجرامًا أي حبة واحدة يومياً، ويفضل تناولها ليلاً بعد الأكل استمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك أرفعي الجرعة إلى حبتين، أي 100 مليجراماً، واستمري عليها لمدة أربعة أشهر ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة لمدة ستة أشهر، ثم توقفي عن تناول الدواء، وهذا الدواء يعتبر من الأدوية الطيبة والأدوية الفعالة جداً.

العلاج السلوكي مهم بطريقة معينة، اكتبي كلمة الحقد وكرريها عدة مرات، وفكري وتأملي فيها، وأنت في أثناء هذا التفكير قومي بالضرب على يديك بشدة وقوة، حتى تحسي بألم شديد، الهدف هو أن تربطي بين الشعور المرفوض والحقد والألم، وفي بعض المراكز العلاجية نجعل الإنسان يفكر في هذه المشاعر السيئة ونقوم بلسعه بتيار كهربائي ضعيف، تكرار مثل هذا التمرين يضعف المشاعر الخاطئة والسالبة، نحن نقول لك كرري تمرين إيقاع الألم بنفسك، مع التفكير في الحقد عدة مرات، ونفس الشيء يطبق بالنسبة للحسد، وكرري كلمة الحسد، وتأملي فيها ثم بعد ذلك تقرنينها بالشعور المنفر وهو إيقاع الألم بالذات.

أرجو أن تتأملي أن الحقد والحسد كأنها مجسمات أمامك، وضعيها بعد ذلك تحت رجلك، وقومي بالدوس عليها، وتحطيمها، وأقفلي عليها، كرري هذه التمارين عشر مرات متتالية صباحاً ومساءً، الذي أحدث عنه هو علاج نفسي وسلوكي، يقوم على أسس علمية.

أرجو أن تأخذيها مأخذ الجد وتطبقيها بالصورة الصحيحة، وهنالك تمارين أخرى كثيرة مشابهة، بعد ذلك أدعوك أن تكتبي كل هذه المشاعر السالبة، وتكتبي في نفس الوقت الكلمات والجمل والمضادة لها، كرري هذه المضادات عشر مرات متتالية، ونفس الوقت قولي لنفسك هذا هو شعوري الجديد، أنا أريد أن أتغير وإن شاء الله سأتغير، أنا لن أكون حاقدة، ولن أحسد أحداً، بل أحب الخير للآخرين ولنفسي.

أنصحك بأن تمارسي تمارين الاسترخاء، فهي تفيد كثيراً في العصبية والتوتر، وهنالك أشرطة وكتيبات تساعد على تطبيق هذه التمارين، أرجو أن تملئي وقتك بما هو مفيد، لا تعيشي أي نوع من الفراغ، أو الهواء الداخلي، استثمري وقتك، فهذا يجعلك -إن شاء الله- فيما هو خير.

الواجبات أكثر من الوقت، ولا بد أن نستثمرها بالصورة الصحيحة، وأنصحك أيضاً بأن تنضمي إلى أحد مراكز تحفيظ القرآن، احرصي على حضور الدروس والاستماع للأشرطة التي تحث على فضائل الأعمال والأخلاق، تذكري -أيتها الفاضلة الكريمة- أن الإنسان فيه خير وفيه شر، والصراع بين القوتين هو أبدي، والإنسان الذي يملك الإرادة ويكون له الرغبة، ويستطيع أن يولد من مشاعره السالبة والشريرة مشاعر كلها إيجابية وخير، الخير قد يكون دفيناً والشر قد يكون على السطح.

هذا هو الذي أعتقد في حالتك، بالإرادة وبالقوة وبالدعاء وبتقوى الله، والأخذ بالأسباب كاملة تستطيعين أن تخرجي المشاعر الخيرية الإيجابية الدفينة، وهذا بالطبع سيقضي على كل مشاعر الشر، نسأل الله لك العافية الشفاء، ونشكرك كثيراً على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً