الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قبح المظهر والشكل لدى الفتاة .. بين الواقع والشعور المرضي

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة جامعة عمري (24) سنة، لدي مشكلة تؤرقني كثيراً، وهي أني قبيحة الشكل، وكذلك لدي صفات ذكورية ملحوظة، كما يقول لي من حولي بأني ليست لدي أنوثة، أصبحت لدي قناعة بأني أقبح فتاة على وجه الأرض! أرتدي الملابس الرجالية من أجل أن أبعد الأنظار عن شكلي.

كلما جاء موضوع بأني قبيحة على بالي أتضايق كثيراً، وأصبحت أبكي وأقول في قرارة نفسي: هذا نصيبي في هذه الحياة، وبأن شكلي مثل المرض المزمن سوف يلاحقني إلى آخر لحظة بحياتي، وكذلك إن ذهبت إلي مكان ما أرى نظرات الناس إلي، فهذا الأمر أصبح يثير جنوني، ولا أحتمله، وكذلك تعليقات الناس عندما يتساءلون: هل هذه بنت أم ولد؟! أصبحت هذه الكلمات لها وقع سيئ على نفسيتي إلى أقصى درجة.

عندما أشاهد بنتاً جميلة أتضايق وأقول: لماذا أنا الله اختارني لأكون قبيحة؟! لا أدري هل هذه حقيقة أم أنه مجرد كلام كنت أسمعه من الأشخاص الذين حولي؟

ولكني لا أرى نفسي بهذا القبح، أرى نفسي مقبولة، أرسلت رسالة إلى استشاري نفسي فأجابني بأن الشكل لا يمكن تغييره، ولكن يمكن تغيير الشخصية والمهارات، ولكن هذا الكلام لا يقنعني وأشعر بأنه مواساة لي، ولكن بنهاية الأمر الحمد لله على كل حال.
أتمنى المساعدة وأكون لك من الشاكرين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أفنان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فقد عرضت مشكلتك، وفي ذات الوقت تحدثت عن الحلول بصورة جزئية فيما يخص شكلك، فقد ذكرت أنك قبيحة الشكل وينظر إليك الناس كذلك، ولكن لديك قناعات أنك لا ترين نفسك بهذه القباحة وترين نفسك مقبولة، هذه نقطة إيجابية وطيبة وجميلة جدّاً، والناس عموماً لا يُحكم عليهم بأشكالهم.

نحن لا ننكر أن المرأة الجميلة خاصة إذا كانت ذات خلق ودين تكون ذات حظوظ كثيرة، خاصة فيما يخص الزواج، ولكن ليس الجمال وحده هو المقياس الحقيقي، فالأخلاق والسمات الحميدة والمهارات والعلم والمقدرات، وبالطبع الدين والأخلاق هي المكونات والمجملات الرئيسية لشخصية الإنسان.

ما ذكره لك الطبيب بأن شكل الإنسان لا يمكن تغييره ويجب أن لا يسعى الإنسان نحو تغييره؛ لأن تغيير خلق الله ليس مقبولاً بأي حال من الأحوال، لكن الإنسان يمكن أن يغير ليس من شخصيته، إنما من نظرة الناس نحوه، وذلك من خلال مهاراته وأن يكون نافعاً للناس، وأفضل الناس هو أنفعهم للناس، هذا أجمل الناس، فأرجو أن لا تجعلي المشاعر السلبية المبالغ فيها تسيطر عليك.

وهنالك من وجهة نظري مشكلة أخرى أساسية، وهي ميولك لأن تعيشي الحياة على نهج الرجال، وأنت ذكرت أنه لديك صفات ذكورية، هذه الصفات الذكورية إذا كانت بيولوجية المنشأ – أي تسببت فيها إفرازات هرمونية معينة – فهذا يمكن حسمه بالذهاب إلى الطبيب – طبيب الغدد – وسوف يقوم بإجراء الفحوصات اللازمة، أو يمكنك الذهاب إلى طبيبة النساء والتوليد، وسوف تقوم بفحصك من جميع النواحي.

أما إذا كان الأمر هو مجرد نوع من البحث عن هوية جنسية أخرى فهذا لا شك أنه توجه خطأ؛ لأن المرأة التي تتشبه بالرجال أو الرجل الذي يتشبه بالنساء أصبح حقيقة لا شيء، فهو ليس رجلاً وليس بأنثى، هذا في حالة الرجل المتشبه، وكذلك في حالة الأنثى المتشبهة بالرجال، فهي أصبحت ليست بامرأة وليست برجلٍ، بمعنى آخر: أنها قد أصبحت لا شيء، وهذا هو الذي يقلل من قيمة الإنسان.

أيتها الفاضلة الكريمة! ما دمت أنثى يجب أن تتطبعي بطبائع النساء، وتقومي بأعمال النساء، وتقبلي وضعك وشكلك، خاصة أنك ذكرت أنك لست بالقبح الذي ربما يعتقده بعض الناس، وأنا أذكر لك أن معظم الناس أو جلهم لا يعطون هذه الأمور أي اهتمام، والذي يفهم من الناس يعرف أن لله تعالى شأناً في خلقه، فهنالك الجميل وهنالك القبيح وهنالك متوسط الجمال، وهذه لحكمة يعلمها الله ويجب أن تُقبل، ولكن الإنسان بصفة عامة قد خلقه الله تعالى في أحسن تقويم.
تذكري نعمة الله عليك بأن منّ عليك بنعمة الصحة والعافية في جسدك، فكم من المرضى الذين يرقدون على فراش المرض منذ سنوات ولا يشعر أحد بمعاناتهم، فتذكري نعمة الله عليك في بدنك وجسدك وعقلك.

أيتها الفاضلة الكريمة! أنت مطالبة حقيقة بأن تتخلصي تماماً من مشاعرك الذكورية وذلك بتحقيرها، تجنب ارتداء ملابس الرجال أو التي يشترك فيها الرجال والنساء، الانخراط والاندماج أكثر في مجتمع النساء، والقيام بأفعال النساء، وكما ذكرت لك مراجعة الطبيبة سوف يكون أمراً جيداً.

اسعي بأن تطوري مهاراتك في الدراسة، اسعي نحو التميز، وضعي لنفسك هدفاً واضحاً وهو الحصول على شهادة التخرج، ومن بعد الماجستير ثم الدكتوراه.

هذه الأفكار يجب أن تُحقر، ويجب أن لا تعار أي اهتمام، ويجب أن يتم تجاهلها تماماً، وهذا هو الذي أنصحك به، وأنا لا أرى أنك في حاجة إلى علاج دوائي.

هنالك حالة نفسية تُشعر الإنسان بأنه قبيح، وتجد هؤلاء الأشخاص يتنقلون ما بين عيادات الأطباء خاصة عيادات التجميل، ومعظمهم حقيقة يعاني من هذه العلة النفسية، ومن خلال العلاج النفسي يمكن أن يصل إلى قناعة أن مشاعره بقبح شكله هي مشاعر مبالغ فيها، هؤلاء قلة قليلة وبعضهم مضطرب الشخصية ويعاني من مشكلات نفسية وتعقيدات كثيرة.

أنا أرى أيتها الفاضلة الكريمة! أنك بخير، وهذا الفكر يجب أن يُحقّر، ويجب أن تتواءمي مع أنوثتك، ففي هذا خير كثير لك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية عزلاء الشهراني

    احمدي اللة ربك خلقك با احسن تقويم الحمد اللة على كل حال

  • تونس omayma

    شكرا لكم على هذه النصيحة بفضلكم استطعت تخطي مشكلتي لانني مثلها بالضبط و لكن عمري 15 و شكرا مجددا

  • مجهول mariem

    إن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً