الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من كل شيء: الموت والمجهول والمستقبل والزواج!

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
جزيتم خيراً على هذا الموقع.

عمري 33 سنة, لم أتزوج, كنت موظفة لفترة واستقلت بسبب مشاكل في العمل أجبرتني.

أشكو من خوف واضطرابات نفسية: تارة أحس بالثقة, وتارة بالإحباط والنقص, دائماً يهيأ لي أشياء, إذا سمعت صوت طفل يصرخ بالبيت, أو صوت أي شيء أفزع وأركض إلى مكان الصوت, وأحاول إنقاذ الموقف, يهيأ لي أنه يوجد شيء خطير, إذا شممت رائحة كهرباء يخيل لي أن البيت سينفجر, إذا سمعت صوت المكيف يرتفع أتخيل أنه سينفجر, ويصيبني رعب ومغص, وأشعر بالإغماء, أخاف من الموت إذا سمعت خبر وفاة بحادث أو أي شيء, وصرت أخاف من السفر للعمرة أو الحج خوفاً من الطريق والحوادث, أشعر بوساوس تتعبني, أخاف المستقبل, وأجهل مصيري بالزواج, أخاف أن أتزوج إنسانا لا يناسبني, وأخاف الطلاق, إذا مرضت أو مرض أحد من أفراد أسرتي أتعب من تعبه, وأحمل همه, وأخاف عليه بشكل يلاحظه من حولي, لدرجه أنهم يقولون لي: أنت تبالغين، وأحب أسرتي كثيراً.

التزمت بصلاتي وأدائها بأوقاتها, وأتزود من النوافل, وأحاول أن أصوم النوافل, وأكثر من الاستغفار, وأنصح لوجه الله، ويأتيني شعور يقول لي: إنك سوف تموتين قريباً ومن أجل هذا التزمت بدينك, وسوف يتذكر من كنت تكلمين وتدافعين عن الدين عندهم وتنصحينهم كلامَك ويترحمون عليك, ويقولون كانت وكانت, فيأتيني هذا الخوف ويجعلني أتراجع عن بعض النوافل, ولا أتكلم عند أحد بكثرة عن نصيحة دينية.

أصبح نومي متقلباً, وأحياناً أنام نوما كثيرا يوما كاملا, وأحيانا أطلب النوم ولا أستطيع, أحلم أحلاما مخيفة, وأتعوذ من الشيطان, ولكن التفكير فيها وفي تفسيرها يرعبني ويقلقني, وأفسرها بنفسي, وإذا أتى أحد لخطبتي يأتيني ألم بالبطن وخمول ودوخة وضيق, وأحس أني لا أريد أن أتزوج وأرفض, وإذا ذهب ومضت الأيام أتمنى أن أتزوج وأنجب أطفالا وأصبح أما, حيث إن عندي مشاعر أمومة قوية, وأحب الأطفال، لكن الخوف من الفشل في الزوج أرعبني.

أخاف التقدم في السن, وأخاف من تغير ملامحي وظهور أثر العمر في شكلي, أخاف سرعة مرور السنين وما فيها من غيبيات, وأدعو الله دائماً أن يكفينا كل شر عنا وعن أحبابنا وكل المسلمين.

أرجو النظر في وضعي, وما الحل في حالي؟ علماً بأني أكون على هذا الحال أسبوعين وأتفاءل أسبوعاً وأرجع للخوف من أي شيء.

آسفة للإطالة, وجزيتم خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الفقيره الى الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بارك الله فيك, وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مجموعة الأعراض النفسية التي وردت في رسالتك تشير إلى أنه لديك مزيج من القلق والمخاوف والوساوس, وهذه ظواهر أكثر من كونها حالة مرضية حقيقية.

شخصيتك من الواضح إنها شخيصة حساسة, وهذه الحساسية في الشخصية جعلت درجة اليقظة لديك مرتفعة جدًا، وهذا يؤدي إلى التغيرات النفسية السريعة والتي تكون مصحوبة بتغيرات جسدية.

الشعور بالإغماء والخوف من الموت، وعدم تحمل الأصوات, وتأويل ما تسمعينه تأويلات مرتبطة بالواقع, كصوت المكيف إذا سمعته أو سمعت صوته يرتفع والتخيل بأنه سوف ينفجر, وهكذا, هذه كلها أعراض قلقية وسواسية, وتتخللها المخاوف كما ذكرت لك، وربما يكون لديك درجة بسيطة من تقلب المزاج ولكن هذه ثانوية وليست أساسية أيضاً.

العلاج في مثل هذه الحالة:

أولاً : أود أن أؤكد لك أن حالتك ليست حالة مرضية حقيقية, إنما ظاهرة نفسية، والأمر كله يتمركز حول شخصيتك.

ثانياً: الإنسان مطالب دائماً أن يتفهم ذاته ومقدراته ونقاط ضعه وإيجابياته وسلبياته، وهذا التفهم حين يكون بمصداقية وموضوعية وتجرد يفيد الإنسان كثيراً؛ لأنه ينتج ما نسميه بقبول الذات، وقبول الذات يعتبر مرحلة نفسية متقدمة جداً تؤدي إلى تطوير الذات، والذي لا يفهم ذاته ولا يقبل ذاته لا يستطيع أن يطور ذاته، ولذا أريدك أن تتخذي هذه الخطوات، أن تقبلي ذاتك، وأن تفهمي ذاتك، وبعد ذلك تستطيعين أن تطوري ذاتك من خلال التركيز على الإيجابيات, والسعي لبنائها وتقويتها, وفي نفس الوقت تقليص السلبيات.

إدارة الوقت بصورة صحيحة هي من الحلول التي نراها دائماً مهمة ومطلوبة للإنسان حتى يحقق نجاحاته وحتى يتخلص من الشرور النفيسة السلبية والأحاسيس الغير مفيدة.

إذن: ضعي خارطة ذهنية لإدارة وقتك بصورة صحيحة، ويشتمل أشياء نافعة ومفيدة للإنسان ولغيره.

ممارسة التمارين الرياضية أيضاً سوف تكون ذات فائدة كبيرة، فأرجو أن تكوني حريصة على ذلك.

هناك دراسات وملاحظات كثيرة تُشير إلى أن الانخراط في الأعمال الخيرية والنشاطات الثقافية تفيد الإنسان الذي يعاني من مثل أعراضك، وكخطوة سلوكية مهمة ومتقدمة أرى أن تحقري الفكر الوسواسي, وأن تتجاهليه, وأن تستبدليه بفكرة مضادة، ويجب أن يكون هذا منهجك في التعامل مع كل فكر وسواسي أو سلبي.

النقطة الأخيرة هي أن الأدوية النفسية الآن تفيد جداً في مثل حالتك، وبفضل الله تعالى توجد أدوية محسنة للمزاج، ومثبتة للمزاج, ومزيلة للمخاوف والقلق والوسواس، وأنت في حاجة إلى دواء واحد فقط، ونحن نحرص تماماً على أن تكون الأدوية من الأودية السليمة والفعالة وغير الإدمانية.

لذا فالدواء الذي أنصحك به هو عقار يعرف باسم زيروكسات، واسمه العلمي هو باروكستينParoxetine أرجو أن تتناوليه بجرعة حبة أي (10) مليجرام بعد الأكل لمدة عشرة أيام, وبعد ذلك اجعلي الجرعة حبة كاملة في اليوم واستمري عليها لمدة ستة شهر, وبعد ذلك خفضي الجرعة إلى نصف حبة يومياً واستمري عليها لمدة أسبوعين, ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به, وأؤكد لك أن الدواء إن شاء الله من الأدوية السليمة والفاعلة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية بدر

    البندول الليل نايت افضل علاج للاسترخاء

  • هولندا hassan zairat

    حالتك تشبه حالتي يا أختي ولازم تكوني قوية وتؤمنين بقدراتك وتتحدي كل عواقب الحياة ، وأكثري من الصلاة على النبي لأنها مفتاح كل الأبواب الخير .

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً