الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أسمع صوت أمي بعد وفاتها في أذني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

أريد أن أستشيركم في حل مشكلتي, أنا عمري 18 عاما, والدتي توفيت قبل أربع سنوات, وقد كنت متعلقة بها جدا, وهي أيضا, وإلى وفاتها كانت تعاملني على أني صغيرة, وأنا كنت أتعامل مع الناس على أني طفلة, والطفلة التي بداخلي مازالت تكبر إلى يومنا هذا, أحاول أن أبين للناس أني قوية, وأني أستطيع التصرف لكني ضعيفة جدا, يوجد عندي إحساس بأن في شخصيتي نقصا, وكنت أحاول أن أعرف ما هو الفراغ الذي في شخصيتي؟ لكني لم أستطع, وما زلت أتذكر يوم وفاة أمي, وأتذكر كل كلمة قالتها, وأتذكر تعبيرات وجهها, لكني كنت خائفة من الناس الموجودين, وخجلة جدا منهم, كلهم كانوا يريدون معرفة ماذا سأعمل؟ ولم أستطع البكاء وقتها, وكان عمري وقتئذ أربعة عشر عاما, وكان من المفترض أن أخرج الذي بداخلي, وقد حاولت أن أتعامل مع الحياة بعد وفاة أمي وأكبّر الطفلة التي بداخلي, لكني لم أستطع, وكان يأتيني إحساس بأني سأموت صغيرة, ولن أتزوج ويصبح عندي أولاد, وكان في حياتي فراغ كبير وكانت فيها تخيلات كثيرة جدا, وهذا الذي كنت أعيش عليه, وقبل ثمانية أشهر في رمضان كنت راجعة مع أبي من السفر, وكان الطريق سيئا جدا, وكنت خلال الساعتين اللتين قضيتهما في الطريق خائفة جدا, ورجعت بالليل وكنت مخنوقة جدا, وقعدت أبكي بالليل منفردة, لأني تعودت على أن يكون لي يوم في الأسبوع أبكي فيه لا أدري لماذا؟ وعندما هدأت وخرجت وقعدت مع إخواني وكان الفجر قد أذن لكني لم أصل حينئذ, وقلت سأصلي الصبح فيما بعد, وشعرت فجأة بأن شيئا يحركني ويجعلني أقوم وأجري إلى أبي, وأنا لا أدري ما حصل بجسمي فقد أصبح ثقيلا جدا, وشعرت بأني لست معهم, وأن الأرض تتحرك من تحت رجلي وكنت أقول لأبي أنا خائفة لا تجعلهم يأخذوني وقالت لي أختي أني قلت أني أسمع صوت أمي لكني لا أتذكر أني قلت ذلك, ثم هدأت ومكثت عدة أيام خائفة ولم أعرف ماذا حصل لي؟ ومن ساعتئذ وأنا في دوامة الخوف من الموت, وكل يوم أشعر بشعور مختلف عن الذي قبله, ولا أقدر على أن أخرج ما بنفسي, وذهبت للطبيب وقال لي: أنت – فقط- خفت من الطريق, وأعطاني دواء لا أتذكر اسمه ثم تركته بعدها مباشرة لأنه سبب لي زيادة في ضربات قلبي وأتعبني, وأخذت دواء آخر (أعشاب) لكنها لم تنفع, أنا متعبة جدا أسمع أصواتا في أذني كأنها صوت أمي تنادي باسمي وأشعر أن شيئا يقف على رأسي كل قليل كأنها ذبابة, ولقد ضجرت جدا, وأصبحت أنسى, وعندما يتكلم أصحابي معي لا أكون في حالة تركيز, ويقولون نحن ذكرنا لك هذا الموضوع وأصبح خجلانة جدا, أشعر أني كبرت في السن ,والواجب علي أن أذاكر من أجل الامتحانات لأنها اقتربت, أريد شيئا يجعلني أركز من أجل أن لا أنسى ما ذاكرته فأنا أتذكر بعض الأمور وأنسى أمورا أخرى.

ظهري يؤلمني بشكل مستمر, وفقرات صدري أيضا, وفي بعض الأوقات أشعر بألم مزعج في قلبي أرشدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريماس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فسماع صوت الموتى نشاهده كظاهرة نفسية تحدث كجزء من عملية التعبير عن الأحزان، ومثل هذه الظاهرة تشاهد أكثر إذا كان هنالك صلة وتعلق شديد ما بين المتوفى والشخص الذي تمر به هذه الظاهرة، أي سماع صوت المتوفى.

وأنت أوضحت وبصورة جلية أن علاقتك بوالدتك كانت وطيدة جدًّا، وعليها رحمة الله قد عاملتك معاملة طيبة وحسنة وودودة، وكانت تزودك بالعطف والحنان والحماية الشديدة.

هذا هو التفسير لهذه الظاهرة، وأرجو أن يكون ذلك مقبولاً لديك، لأنه هو التفسير الصحيح والعلمي لما يحدث لك.

هذه الأصوات التي تُسمع يُطلق عليها أيضًا اسم (شبه الهلاوس) أو (الهلاوس السمعية الكاذبة).

والناس حين تمر بهم ظروف وتكون الشحنات العاطفية والوجدانية شديدة جدًّا يمرون بمثل هذه التجربة أيضًا، وعليه أرجو أن لا تقلقي، وأود أن أؤكد لك أن عقلك سليم، والتجربة التي تزعجك وتمرين بها وأضعفت من تركيزك للامتحانات هي ظاهرة مفسّرة كما أوضحناها لك، وفيها دليل قوي على أنك عطوفة وحساسة، وهذه ميزات لا بأس بها حين تتوفر عند الناس، لكن الموقف يتطلب منك أن تكوني أكثر واقعية, وأن تسألي الله تعالى الرحمة لوالدتك، وأن تكوني في مكانها وأن تتواصلي مع من كانت تصلهم، وعيشي حياتك بصورة طبيعية.
هنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء هي جيدة لعلاج مثل هذه الظواهر، خاصة أنك ذكرت أنه يوجد لديك آلام في الظهر والصدر وبرودة وآلام في منطقة القلب، هذه أؤكد لك أن سببها هو الانقباضات العضلية التي حدثت نسبة لحالة الانفعال القلقي والوجداني الذي تعيشينه، فمارسي تمارين الاسترخاء، وهي ببساطة: اجلسي على كرسي مريح، ارفعي رأسك قليلاً، أغمضي عينيك، افتحي فمك قليلاً، بعد ذلك خذي نفسًا عميقًا وبطيئًا عن طريق الأنف، أمسكي الهواء قليلاً في صدرك، ثم أخرجيه عن طريق الفم بكل قوة وبطء. كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات بمعدل مرة في الصباح والمساء لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليه مرة واحدة في اليوم لمدة أسبوعين أيضًا فهو مفيد جدًّا.

أنصحك أيضًا بأن تتحيني الأوقات الطيبة للمذاكرة، خاصة بعد صلاة الفجر فإن تركيز الإنسان يتحسن فيه جدًّا، وعليك أن تتواصلي مع زميلاتك وصديقاتك من أجل المذاكرة الجماعية فهي مفيدة جدًّا.

بالنسبة للدواء سوف أصف لك دواء بسيطا جدًّا ومفيدا في مثل هذه الحالات, الدواء يعرف تجاريًا باسم (مودابكس) واسمه العلمي هو (سيرترالين) أرجو أن تتناوليه بجرعة نصف حبة يوميًا بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى نصف حبة ليلاً لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء من الأدوية المفيدة والفعالة جدًّا، وسوف تجدين فيه خيرا كثيرا بإذن الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً