الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل أخطأ أهلي عندما قاموا بفسخ الخطبة بيني وبين خطيبي؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت مخطوبة لفترة من شخص، وكان عرسي قريباً، وأهلي فسخوا الخطبة بسبب أن شخصاً قال لعمي أن أخت خطيبي سمعتها غير جيدة، مع العلم أنها متزوجة، وقد تحقق أهلي من الخبر وفسخوا الخطبة بالرغم من أن خطيبي مشكور في دينه.

حاول خطيبي بكل الطرق مع أهلي، وحاول أن يعرف السبب، غير أن أهلي لم يخبروه، وبدأت مشاكل عديدة حتى انقطع كل شيء بيننا، ولكني مازلت متعلقة به وهو كذلك، فماذا أفعل؟

والمشكلة أنه عندما حدثت المشاكل فإنه أحياناً يكون عصبياً جداً ويهدد، فهل أهلي مخطئون؟ والمشكلة الأخرى أنه منذ ذلك الوقت لم يتقدم لي أي شخص جيد منذ أربع سنوات!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ flona حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فمرحبًا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي تقر به عينك وتسكن إليه نفسك.

مما لا شك فيه أختنا العزيزة أن أهلك أكثر منك خبرة بالناس ومعرفة بالحياة ودروبها، لأنهم أكبر منك سنًّا وأقدم منك تجربة، ومن ثم فآراؤهم ينبغي أن تكون محل اهتمام وعناية منك، ومما لا شك فيه أن قراراتهم مدفوعة بالحرص على مصلحتك وحب الخير لك والحفاظ عليك، ومن ثم فإن رأيهم لن يكون بعيدًا عن الصواب إذ منعوك من الزواج بهذا الرجل إذا كانت أسرته ذات سمعة سيئة، فخافوا عليك الوقوع في هذه الأسرة وما قد يلحقك من أضرار مستقبلية بسبب ذلك، وأنت بنفسك قد ذكرت بعض هذه العيوب أيضًا في الزوج، وإن كان في الجانب الديني رجلاً جيدًا كما وصفته أنتِ.

ولهذا فنصيحتنا لك أيتها الأخت الكريمة أن تتفهمي موقف أهلك في فسخ الخطبة من هذا الرجل، وأن تعلمي جيدًا أن الإنسان في كثير من الأحيان يحرص على الشيء ظنًا منه أن فيه مصلحته وخيره، ويكون الأمر بخلاف ذلك، ولذلك أدبنا الله تعالى في كتابه الكريم بأن نفوض الأمور كلها لله تعالى الذي يعلم ما لا نعلم، فقال سبحانه وتعالى: {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ونحن نظن أن هذا الأمر الذي أنت فيه قد يكون من هذا الباب، فربما يكون حرصك على هذا الرجل من باب الحرص على ما تظنينه الخير والأمر في خلافه.

أما مسألة التعلق بهذا الشاب فإن التخلص منه بإذن الله تعالى هينٌ سهل إذا أخذت نفسك بالجد والحزم، وأعنت نفسك على ذلك بالأخذ بالأسباب المؤدية لقطع هذا التعلق، ومن أهم هذه الأسباب: استحضار اليأس من الزواج به ما دام الأهل يرفضون ذلك، وما دمت قادرة على إقناع نفسك بأن هذه العيوب الموجودة في أسرته قد تجر إليك ضررًا في مستقبلك.

فإذا استحضرت هذه المعاني وبدأت بإقناع نفسك باليأس من الزواج به فإنك ستنسينه، وذلك أن النفس البشرية هذه طبيعتها إذا يئست من الشيء نسته.

ثم مما يلزمك أيضًا قطع التواصل بهذا الشاب:
أولاً: وقوفًا عند حدود الله تعالى وابتغاءً لمرضاته وتجنبًا للوقوع في سخطه وغضبه.

وثانيًا: لإعانة نفسك على نسيان هذا الشخص.

وخير ما نوصيك به وننصحك به: الإكثار من مصاحبة النساء الصالحات وحضور أنشطتهنَّ النافعة، وهنَّ خير وسيلة للبحث عن الزوج الصالح، فإن كل واحدة منهنَّ لها أقارب يبحثون عن زوجات، وبذلك تعمّرين دينك وتسعين في صلاح دنياك.

هذه نصيحتنا أيتها الأخت مراعين فيها قرار الأهل، ظانين أنهم لن يتخذوا قرارًا كهذا إلا بعد دراسة الحال ومعرفة أن الواقع يؤيد ما رأوه، وقد ذكرت أنت بأنهم تتبعوا الأخبار التي وصلتهم.

لكن إذا رأيت بأن أخت هذا الرجل حالة شاذة عن باقي الأسرة، وأنه وأسرته على خلاف هذه السمعة التي راجعت عن هذه المرأة، فبإمكانك أن تترفقي بالأهل بلطف ولين، وتقنعيهم بحاجتك أنت بالزواج، وابدئي بأمك ومن له تأثير على والدك، واستعملي أساليب الإقناع كعرض حالتك عليهم وتأخر الزواج، ونحو ذلك من الأساليب، واستعيني بكل من له كلمة مسموعة عندهم، فإن رأيت بأنهم يمنعونك لا لمبرر معقول فإن من حقك أن ترفعي الأمر إلى القاضي الشرعي ليأمر وليِّك بأن يزوجك، أو يتولى هو تزويجك.

لكنَّنا لا ننصحك بأن تتزوجي في ظل ممانعة الأهل وعدم موافقتهم على زواجك، لأن هذا الزواج غالبًا ما يكون محفوفًا بالمخاطر، وينتهي إلى أنواع من المآسي تعيشه المرأة وحدها.

وخير ما نوصيك به أختنا الكريمة تقوى الله تعالى، والإكثار من الاستغفار لله تعالى، واللجوء إليه بصدق، ودعائه في أوقات الإجابة، وتحسين العلاقة بينك وبينه، فإن طاعة الله تعالى جالبة لكل خير، نسأل الله أن يوفقك لكل خير وييسر لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً