الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اضطراب التحول والشخصية الهستيرية والتعريف بهما

السؤال

السلام عليكم
أريد أن أطرح على حضرتكم بعض الأسئلة:

1- ما الفرق بين الشخصية الهستيرية ومرض الهستيريا أو اضطراب التحول؟

2- هل صفات سطحية المشاعر والبرود الجنسي والاتكال وحب الظهور وعدم تحمل المسؤولية تخص مرض اضطراب التحول، أم تخص الشخصية الهستيرية؟

3- هل إذا شفي الشخص من مرض اضطراب التحول منذ مدة زمنية يمكن اعتباره شخصية سوية؟ وهل يعود مرض اضطراب التحول إذا شفي منه المصاب مرة أخرى؟

4- هل إذا عادت نفس الضغوط سيعود المرض؟

5- هل من أصيبت بمرض اضطراب التحول وشفيت منذ مدة عليها إخبار الخاطب؟

6- هل مرض اضطراب التحول بعد اختفاء المرض يتحول إلى شكوى دائمة من المرض واكتئاب؟

أرجو الإجابة على كل سؤال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل: أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،، وبعد:

فإن مصطلح الهيستريا هو مصطلح قديم جدًّا، ودعمته المدرسة التحليلية، وهي مدرسة نفسية معروفة، أسسها العالم النفسي (سيجموند فرويد) والذي عاش بين عام 1856 و1939، والشخصية الهيستريا حسبما يوصف في الكتب هي شخصية تحب الانتباه ودائمًا تستدر عطف الآخرين، محاولة الظهور أيضًا هي من سمات هذه الشخصية، وهنالك نوع من الهشاشة النفسية العامة وسرعة التأثر بالمواقف الوجدانية والعاطفية.

مرض الهيستريا كان من التشخيصات السائدة جدًّا قبل ثلاثين أو أربعين عامًا، لكن الآن هذا التشخيص لا يُستحسن، لأنه حقيقة فيه شيء من الوصمة والنعت غير الطيب للناس، كما أن المعايير التشخيصية ليست قائمة على أسس علمية بحثية رصينة.

عمومًا: المرض كما كان يُوصف هو امتداد تقريبًا للشخصية الهيسترية، هناك ازدياد كمّي وكيفي في الأعراض، فتجد مثلاً الشخص دائمًا يحاول أن يستدر عطف الناس بصورة ملفتة للنظر، بعض الفتيات مثلاً تجد أن مظهرهنَّ وطريقة لبسهنَّ قد تُشير إلى حُب الظهور ولفت انتباه الآخرين، والضعف النفسي وعدم تحمل الضغوطات، والمبالغة في إظهار الانفعالات أيضًا هي سمات من سمات الهيستريا.

والآن يفضل أن يسمى بالاضطراب التحولي، وهو تعبير عن أن المشاعر المكتومة داخليًا تتحول وتظهر في صورة جسدية مثلاً أو نفسية، لأعطي مثالاً على ذلك: مثلاً شخصًا تعرض إلى بعض الضغوطات النفسية التي نتجت من خلاف مع الوالدين، تجد هذا الشخص - إذا افترضنا - فتاة في عمر العشرين مثلاً تجدها تسقط أرضًا ويُغمى عليها، وهذا يثير ذعر من حولها، وهي لا تمثل أبدًا، يجب أن نفرق بين من يمثلون ويدعون المرض وبين من يصابون بالاضطراب التحولي. الأمر يظهر على مستوى اللاوعي.

مثال آخر: البعض تجده فجأة ولسبب بسيط، مثلاً فتاة أخفقت في الامتحان تجدها تقول أنها لا تستطيع أن تنظر أو أنها أصيبت بالعمى، أو أنها لا تستطيع أن تحرك يديها، هذا كله تحول، بمعنى أن ما هو نفسي تحول إلى ما هو عضوي.

فهذا هو المرض التحولي، ويتطلب التدخل العلاجي، ويمكن علاجه عن طريق المساندة والاستبصار والإيحاء والتدرب على تمارين الاسترخاء وتفهم مشكلة الشخص ومحاولة مساعدته، ومعظم هذه الحالات هي حالات عرضية، ترتبط بالمرحلة العمرية، وتختفي تمامًا مع التطور الارتقائي للإنسان، وأقصد بذلك ازدياد مستوى النضوج الفكري وتطوير المهارات الاجتماعية، تحمل المسؤولية. فإذن معظم حالات الاضطرابات الهيسترية التحولية وقبلها هي مرتبطة بالمراحل العمرية الأولى، بعد ذلك تختفي.

مثلاً من الصعوبة أو الاستحالة أن تشاهد أحدًا عمره أربعون عامًا ويصاب بمثل هذه الحالات.

وأود أن أضيف أيضًا أن هذه العلل اعتبرت الآن من أمراض ما يسمى بالعالم الثالث، ولا تشاهد كثيرًا في الدول الغربية والأوروبية.

عودة الضغوط النفسية إن شاء الله تعالى لن تكون سببًا في عودة السلوك التحولي، لأن النضوج النفسي يكون بلغ درجة جيدة.

هل من أصيبت بمرض الاضطراب التحولي منذ مدة تُخْطِر الخاطب؟
الإجابة: لا أعتقد أنه يوجد داع لذلك، لأن الحالة في الأصل هي بسيطة وقابلة للاختفاء والشفاء التام، وإخطار الخاطب رُبما يعطي انطباعًا أو تفسيرات سلبية من جانبه، وهذا ليس فيه إخفاء أو نوع من التدليس لحقيقة مهمة، فأنا أرى أنه لا داعي لإخطار الخاطب.

أما فيما يتعلق: هل مرض الاضطراب التحول بعد اختفاء المرض يتحول إلى شكوى دائمة من المرض واكئتاب؟

هذا لا يحدث، مرض التحول الانشقاقي ليس مرضًا ارتقائيًا، بمعنى أنه لا يتطور، فبعد أن ينحسر ويتلاشى تختفي كل أعراضه ولا تنتج عنه حالات أو أمراض أو ظواهر نفسية أخرى كالاكتئاب مثلاً، بل على العكس تمامًا اختفاء الاضطرابات التحولية وتلاشيها يعني أن شخصية الإنسان قد وصلت إلى درجة ممتازة من النضوج النفسي والاجتماعي والوجداني.

بارك الله فيك، وجزاك الله، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً