الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوسواس القهري والشك في الدين؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

يا دكتور سأحكي لك مشكلتي، منذ 5 أشهر كنت في النت، فدخل ملحد إلى أحد الجروبات، وبدأ بإلقاء خطابه فلم يعجبني الحال وقلت سأناقشه, لقد ناقشته لمدة 30 ساعة، وألقى علي شبهة منذ شهر وأنا أبحت عن جوابها, ولكن بعد تلك المدة بدأت تأتيني أفكار عن أن ديانتي خاطئة، وأن الله غير موجود، فبدأ قلبي بالخفقان والتوتر -أستغفر الله- وأستعيذ من الشيطان، وأناقش الفكرة، فتذهب الشهية، والتوتر يزيد الخفقان، وصلت لأقوى حد في الوسواس القهري، وهدا يأتيني أيضاً كلما أقول (الله) أو (إسلام) أشكك في ديني، فأحاول ألا أناقش، فأجد نفسي أناقش كلما أقول كلمة (الله) أتوتر وأحس أنني ملحد، في الصلاة كذلك أحس بعذاب نفسي شديد، بحثت فوجدت أنني مريض بالوسواس القهري، و الحل الوحيد هو ثني الفكرة، حاولت فكدت أنجح مرتين، لكن بدون جدوى، كلما أريد ان آكل تأتيني الأفكار فتذهب الشهية، رغم أنني لا أناقشها، أنا أحب ديني وأحب الله، وأريد أن أحس بذلك، فهذا العذاب الذي أنا فيه أريد أن أنتهي منه، وأنا الآن أطلب منك الحل، وفي هذه الفترة كنت أدخل منتدى التوحيد وجروبات لمواجهة الملحدين، وأحد المحاورين شكوت له فنصحني بك، وآسف على إزعاجك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عدنان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

كما تعرف أن الملاحدة والذين يعرضون أنفسهم ويستعرضون في وسائل الإعلام ومن خلال الجروب والشات وغيره مزودين بكثير من المعلومات الحقيرة والسخيفة، ولديهم منطقهم المعوج الذي يحاولون إقناع الآخرين به، فهم يفتقدون الحياء في الأصل، والإنسان حين يُنزع منه ثوب الحياء يمكن أن يحاور بأي طريقة ودون التفات لأي قيم إنسانية، وهؤلاء بالطبع تجد لديهم المنطق الخادع والخادع جدًّا، ويبحثون دائمًا عن الشبهات ويضعونها لشباب المسلمين كوسيلة لتثنيهم عن عقيدتهم – عقيدة الإسلام، عقيدة التوحيد -.

أيها الفاضل الكريم: هذه ثوابت يجب أن تُدركها وتعرفها، أن كل من تدخل معهم في حوار من هؤلاء الناس هدفه أن يشوش عليك، أن يشتت ذهنك، أساليب التدليس، أساليب الخداع، هي من شيمهم، وهي من مكرهم.

لذا أنا حقيقة لا أحب أبدًا أن أناقش هؤلاء الناس، لكني دائمًا أسعى بأن أتخلق بأخلاق ديني أمامهم، وكثير من الناس يقوم بذلك.

أيها الفاضل الكريم: لا تدخل في حوارات، ولا تدخل في نقاشات مع هؤلاء الناس، هذا ليس خوفًا عليك من أي شيء، لكن خوفا عليك من أن منطق هؤلاء المعوج يؤثر على نفسك الطيبة – نفسك الجميلة، نفسك اللوامة، نفسك الرقيقة – وهذا يُدخلك في عذابات نفسية داخلية كثيرة، ويجلب لك الشكوك.

أغلق هذا الباب، لأنه مثير أساسي لأن يجعلك تطرح بعض الأسئلة الحائرة، وكذلك يُدخلك في وساوس، وساوس كثيرة جدًّا، وأنت تعرف أن شياطين الإنس والجن تتصيد الإنسان المؤمن حتى تُدلس عقيدته وتجعله يشك في حقائقها العظيمة، فأرجو أن تغلق هذا الباب تمامًا، ولا تحاور هؤلاء الناس، وكن ممن قال فيهم الله تعالى: {وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا} وممن قال فيهم: {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} وقد قال الله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب إن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزئ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذًا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعًا}.

هذا هو الأفضل، وهذا هو الأحسن، وأنا رأيتُ علماء أستطيع أن أقول أنهم من أصحاب المعرفة الحقيقية ومقدراتهم رفيعة جدًّا للذود عن الإسلام، لكن لا يجادلون المُلحدين، لأن المُلحد لا فائدة من جداله أبدًا، هي مضيعة للوقت، وهو ليس له ضوابط حقيقة ينطلق من خلالها لتحديد ماهية كيفية إدارة النقاش وأخلاقياته.

هذا الذي حدث أثار عندك الوساوس، وأنت تعتبر وساوسك من النوع المسبب - أي الذي له أسباب – ومن هنا أقول لك: أغلق الباب، وأدعوك بأن تتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس، لأن الوسواس قد استحوذ عليك وأدى إلى تشوش كبير واضطراب في فكرك، وربما يكون أيضًا سبب افتقادك للتركيز.

أخِي الكريم: حقر الفكر الوسواسي - كما ذكرت لك – وابدأ في تناول الدواء، أنت تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا، والدواء الذي يناسبك هو العقار الذي يُعرف باسم (فافرين) واسمه العلمي (فلوفكسمين) ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجرامًا، تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، ويجب أن تتناولها بعد الأكل، بعد أسبوعين اجعلها مائة مليجرام، استمر عليها لمدة شهر، ثم اجعلها مائتي مليجرام يوميًا، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في المساء، أو اجعلها مائة مليجرام صباحًا ومائة مليجرام مساءً، استمر على هذه الجرعة العلاجية لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى مائة وخمسين مليجرامًا مساءً لمدة شهرين، ثم اجعلها مائة مليجرام مساءً لمدة ستة أشهر، ثم خمسين مليجرامًا مساءً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر.

الفافرين دواء متميز، غير إدماني، وغير تعودي، وإن شاء الله تعالى سوف يفيدك كثيرًا، فعاليته غالبًا سوف تحسّها بعد أربعة إلى ستة أسابيع من بداية العلاج. هذه النقطة مهمة جدًّا، لأن نجاح العلاج في الالتزام بتناوله والاستمرار عليه بصورة منتظمة.

هذا هو الذي أنصحك به، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرنا، وأرجو أن تحضر الدروس العلمية المفيدة، احضر حلقات القرآن، جالس العلماء، هذا - إن شاء الله تعالى – يبعدك عن الشبهات ويجعلك أكثر طمأنينة، وعليك أن تُكثر من الاستغفار، وأن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم وشروره، وأرجو أيضًا أن تجتهد في دراستك حتى تكون من المتميزين ومن العلماء الذين يدافعون عن حياض الدين.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً