الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر في صديقتي ليل نهار، فكيف أبقي مشاعري في الحدود الطبيعية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.
عمري 19 سنة, غير متزوجة, لدي إخوة وأخوات, حالتي الدينية: أصلي الفروض والسنن الرواتب -والحمد لله-، وأقرأ القرآن بشكلٍ شبه يومي.

ليس لدي وقت فراغ كبير، فالدراسة الجامعية تأخذ جل وقتي، وأمارس الرياضة بشكل شبه يومي.

مشكلتي بدأت عندما بدأت سن المراهقة عندي؛ حيث كنت أميل للإناث لا الذكور، وأحببت عدة مرات حتى الآن، وكلها كانت مع إناث، وكنت في مراهقتي شبه مسترجلة، وكنت أستمتع إن وصفني أحدهم بذلك.

علاقاتي مع البنات لم تتجاوز المشاعر -أي لم يحصل ما لا يرضي الله والحمد لله-، ومع كثرة الانتقاد على طريقة تصرفاتي حاولت أن أغير نفسي لأصبح أكثر أنوثة، وشيئاً فشيئاً أصبحت أكره منظر الفتاة المسترجلة.

تغير مظهري، لكن مشاعري كما هي، أحببت إحدى قريباتي منذ سنين، ولا زلت أحبها، أو بمعنى أصح أعشقها, ولا أذكر منذ متى بدأت أحبها، وبقيت فترة طويلة أخفي مشاعري، إلى أن بادلتني هي نفس الشعور، تعلقت بها بشكل كبير، وصرت أصرح لها بحبي، ولم تكن تمانع من ذلك هي أيضاً، أحبها لدرجة أني أفكر بها قبل النوم، وبعد الاستيقاظ، وفي كثيرٍ من الأوقات، لا أراها كثيراً؛ ففرص رؤيتها قليلة، لكني أحادثها بالرسائل أو الجوال كل عدة أيام، ولم تصل علاقتنا إلى حدٍ محرم، لكني أشعر بالذنب من إحساسي تجاهها، وتصل خيالاتي وأحلامي معها إلى حدٍ لا يرضي الله، وأفكر بها ليل نهار، وأتخيل أني أحضنها وأقبلها، وأنام على صدرها باستمرار، لكني لا أخبرها بذلك.

أريد طريقةً تجعلني أبقي مشاعري في الحد الطبيعي والمعقول لئلا أقع في المحرم، ولا أريد أن أقطع العلاقة, أريد فقط أن أعود لطبيعتي.

مشكلتي الثانية هي أنني ومع تعدد علاقاتي من قبل، وبعد أن قررتُ أن أكون فتاة سوية، أصبحت أخاف أن تتقرب إلي أي فتاة، وصرت لا أستطيع أن أنظر إلى أحدٍ في عينيه، وأخجل حتى من بنات عمي وخالاتي، وأشعر بشيءٍ غريب كلما اقترب مني أي أحد، وأشعر بقشعريرةٍ، وأبتعد، ولا أستطيع أن أبقى مع أحدٍ في مكانٍ لوحدنا، أشعر بشيءٍ غريب يخيفني، حتى إخوتي، وأصبحتُ لا أحب أن أرى الناس؛ أخاف من نظرات الإعجاب؛ لأنها تذكرني بالأيام التي كانت تعجب بي الفتيات ويحبني فيها، خصوصاً وأنني جميلة وجذابة، ولافتة للنظر، ليس غروراً، ولكن هذا ما قيل لي.

لم أكون صداقات جديدة في الجامعة؛ بسبب خوفي من نفس الشيء، وأصبحتُ أشعر بمعاناة شديدةٍ في كل مناسبة أقابل فيها الناس.

أريد أن أتخلص من هذه المخاوف التي تنتابني في المواقف المختلفة حتى مع أقرب الناس لي.

لم أتعرض في طفولتي لتحرش لا من امرأةٍ ولا من رجل، فما سبب هذه المشاعر؟
أرجو أن تعطوني تفسيراً وحلاً لمشكلتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ reem حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، ونشكر لك هذه المشاعر التي حملتك للكتابة إلينا، وهي دليلٌ على أنك تسيرين في طريق العافية، فاحمدي الله على هذا التوفيق، واحمدي الله الذي أخرجك من ذلك النفق المظلم.

ونحب أن نؤكد لك أنك تسيرين في الاتجاه الصحيح، وينبغي أن تُدركي أن الأنوثة جمال، وأن الأنوثة روعة، وأن العبرة أن يكون الإنسان صالحًا، ليس أن يكون ذكرًا أو أنثى، ولذلك قال سبحانه: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجالٌ نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن}، لاحظي قوله تعالى: {فضل الله به بعضكم على بعض} فالمرأة لها ميزات، وهي أم الأجيال، وهي أم الرجال، وهي نصف المجتمع، وعليها يتربى النصف الآخر، والمرأة عندنا في المنزلة الرفيعة، فهي الأم، وهي الأخت، وهي البنت، وهي الزوجة، وهي الحفيدة، ولها منزلة رفيعة، عظمها ورفعها هذا الدين الذي كرمها أُمًّا، فجعل الجنة تحت أرجل الأمهات، وكرّمها بنتًا، فجعل الجنة مكانًا لمن أحسن للبنات وللأخوات، وكرمها زوجة فقال: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي).

فإن للفتاة المسلمة أن تفاخر بهذا الدين، وأن تفاخر بما وهبها الله تعالى من جمالٍ ومشاعر نبيلة، وأحاسيس جميلة.

ونؤكد لك أن الرفض وذلك الشعور الذي يربطك بتلك القريبة التي لا تتاح فرصة رؤيتها: هذا الإنكار في حد ذاته خطوة إيجابية كبيرة على خط بلوغ العافية، كما أن ما يحصل من نفور من البنات، ومن النظرات، ومن الخلوة بهم أيضًا قد يُصنف في هذه الخانة، ولكن نحن لا نريد الجرعة أن تزيد؛ لأن الشيطان همّه أن يُحزن الذين آمنوا، يريد أن يُذكّر الإنسان بجرائره، يريد أن يجعل الإنسان يُسيء الظن بالآخرين، ويسيء الظن بنفسه، فأنت ولله الحمد فتاة سوية، وبدأت تسيرين في هذا الطريق الصحيح.

قد يكون لهذا أسباب طبيعية، فلست أدري ما هي خريطة البيت؟ كم عندكم من الأولاد؟ هل أنت البنت الوحيدة؟ هل هناك بنات؟ هل البيت فيه فقدٌ للعاطفة، وأنت بحاجة إلى العاطفة؟ هل هناك قسوة في البيت؟ يعني قد تكون هناك بعض الأسباب الطبيعية التي لا ننتبه لها، كما أن بعض المدارس وبعض المؤسسات فيها تعظيم للمسترجلة، ونظر إليها بإعجاب بكل أسف، وهذا قد يكون سببًا من أسباب تعميق هذه المشاعر في فترة من الفترات، ولكنك الآن بدأت تفكرين بطريقة صحيحة، والمطلوب هو الاتزان، وأن تكوني مع البنات، لكن ابحثي عن الصالحات، وأن تنظري للناس النظرة الطبيعية، طبعًا النظر الزائد في وجوه الناس وفي عيونهم أيضًا لا يدل على حسن أدب، لكن الاعتدال هو المطلوب، أن ينظر الناس باحترام وتقدير، ويستقبل نظراتهم خاصة إذا كانت بريئة، ويتعامل مع الناس بطريقة جيدة، ولعل الحياء مطلوب، يعني الآن كونك تستحين من بعض المواقف هذا استكمال لبعض عناصر الأنوثة في نفسك.

ليس هناك داع للانزعاج، ونحن نتمنى أن تصلنا تفصيلات تحددين فيها خريطة الأسرة، وتاريخ النشأة، والعناصر التي أثرت في حياتك، ونوعية الثقافة، ونوعية البرامج التي تشاهدينها؛ لأن هذه أشياء تعيننا على الوصول إلى التحليل الدقيق لهذه الحالة، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

نحن سعداء بهذه الاستشارة، ونرحب بك في الموقع، ونشكر لك حسن العرض وحسن السؤال، ونسأل الله أن يزيدك خيرًا، وهنيئًا لمن شغلت نفسها بالصلاة والصلاح والتلاوة، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • قطر امل المنصوري

    لا تعليق

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً