الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زوجي يطلب مني ترك وظيفتي أو الطلاق رغم شرطي عليه

السؤال

السلام عليكم

تزوجت منذ 4 سنين، عندي 3 بنات، لكن زوجي لا يعاملني معاملة حسنة، مع أني ملتزمة معه وأعامله كما أمرني ديني، وكنت متفقة معه على ألا يجبرني أن أترك عملي كمدرسة، لكنه الآن غير كلامه، وطلب مني ترك العمل أو يطلقني، ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دينا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يديم الألفة والمودة بينكما.

نشكر لك -ابنتنا العزيزة- حرصك على القيام بحقوق زوجك بما أمرك الله، وكوني على ثقة من أن هذا السلوك لن يجر إليك إلا الخير، فإن من اتقى الله، جعل الله له فرجًا ومخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب، واعلمي أن ما يُعده الله تعالى من الثواب في الدار الآخرة للمرأة القائمة بحدود الله، خير وأعظم من كل ثواب يمكن أن يتصوره الإنسان في هذه الدنيا، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة؟ الودود الولود العئود التي إذا أذَت أو أوذيت جاءت فوضعت يدها في يد زوجها وقالت: لا أذوق غمضًا حتى ترضى)، وإذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها، دخلت جنة ربها، هكذا ورد الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

فكوني على ثقة من أن قيامك بحقوق زوجك وإن قصر هو فيها، سيكون له أثره البالغ على حياتك وسعادتك في دنياك وفي آخرتك، فلا تملي بالاستمرار على هذا الطريق، بل سيكون ذلك سببًا في تحسين أخلاق زوجك، وحسن تعامله معك -بإذن الله تعالى -.

التلطف بالزوج أمر مطلوب –أيتها البنت العزيزة–، فإن الكلمة الطيبة تترك في النفس أثرها البالغ، والتصرف الحسن يُجبر المسيء في أحيانٍ كثيرة على الحياء من إساءته، والاعتراف بتقصيره، فداومي على ما أنت عليه، وتسامحي مع زوجك فيما قد يحصل منه من تقصير، وأنت لم تبيني لنا ما هي هذه المعاملة التي لم ترتضيها من زوجك، حتى نرى بأنه فعلاً يعاملك بمقتضى التقصير في حقوقك التي فرضها الله عز وجل عليه أم لا؟ وعلى كل فإن الله عز وجل ندب المرأة ودعاها إلى العفو، والتسامح حين تشعر من زوجها بنوع من الإعراض أو التقصير في حقوقها، وهي بلا شك ستثاب على كل ذلك، فثقي من أن ثوابك عظيم، وهذا لا يمنع من أن تناصحي زوجك بلطف ولين، وأن تذكريه بأن هناك حقوق متبادلة، وأن الله عز وجل شرع للزوجين العشرة بالمعروف، والتعاون والتناصح، وتحيني الأوقات التي يكون فيها هادئ البال مستريح النفس، وابدئيها بالكلمات الحانية اللطيفة، ولا تملي من ذلك، فإنه سيبادلك ذلك -بإذن الله تعالى -.

أما ما ذكرت من شأن الوظيفة، فإن من حق الزوج أن يمنع الزوجة من الخروج من البيت ما دام قائمًا لحقوقها من النفقة وما تحتاجه، وإن كانت شرطت عليه ذلك في عقد الزواج، فإنه مأمور بالوفاء بهذا الشرط، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إن أحب الشروط أن تُوفوا به ما استحللتم به الفروج)، ولكن هذا لا يعني إجباره على السماح لك بالخروج، إنما هذا الشرط يترتب عليه إلزامه بأحد أمرين: إما أن يأذن لك بالخروج، وإما أن يُطلقك، وليس له أن يُمسكك مع منعك من الخروج وأنت تريدينه، وقد اشترطت عليه.

هذا هو الحكم الشرعي في هذه المسألة، وبه تعلمين أن هذا الزوج لا يزال واقفًا عند حدود الشرع بهذه الجزئية، ما دام يعرض عليك البقاء في البيت، أو أن يُطلقك، فهذا هو مقتضى الالتزام بالشرط، ولكن إذا كان الزوج قائمًا لك بما تحتاجينه من النفقات، فإن إلزامه لك بالبقاء في البيت قد يكون فيه خير لك وله وللأبناء، فلا تظني أن ذلك سيعود عليك بالضرر، فإن للأم في بيتها وظيفة عظيمة ومهمة جليلة، وهي من أجل الوظائف التي ينبغي أن تشتغل بها المرأة، ولكن إن كنت ترغبين في العمل، فلا بأس من أن تحاولي التأثير على زوجك بالرفق واللين، وأن تستعيني بمن له تأثير عليه، وتذكريه بالجوانب الإيجابية لعملك، وما يعود من النفع عليك وعلى الأبناء الآن وفي مستقبلك، ونرجو -إن شاء الله تعالى– أن يتفهم الزوج هذه المعاني، ويأذن لك بالخروج.

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً