الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الموت لدرجة أثرت على طاعتي وعبادتي وحياتي عموما

السؤال

السلام عليكم

لدي مشكلة كبيرة وهي أني أخاف من الموت بشكل جنوني أو فوق اللازم، لدرجة أن ذلك أصبح يؤثر علي طاعتي وعبادتي وحياتي عموما، فأنا مثلا كلما نويت أن أتقرب إلى ربي أكثر وأقوم الليل وأقرأ القرآن لا أستطيع، وإذا ضغطت علي نفسي أقوم في الليل وأصلي، لكن أشعر بخوف شديد لدرجة أني لا أركز في الصلاة ولا أستشعرها، ويصبح كل ما يهمني أن أنهي صلاتي، وهكذا في كثير من الأمور، وإذا فعلت شيئا في الخير يأتيني وساوس أني سأموت بعدها، لا أدري كيف أتخلص من ذاك الوسواس؟

لقد تعبت منه لدرجة أني من كثرة تفكيري فيه جعلني أنسى أن الأهم من ذلك أن أفكر فيما بعد الموت، وأن أعمل لكي أنال رضى الرب وأدخل جنته، دائما أجلس أفكر فيه، كما أنه يزيد خوفي عندما أتذكر شيئا، وهو أني عندما كنت صغيرة كنت أحب القصص جدا، وقرأت عن أناس كانوا أحياء وحسبوهم أهليهم أنهم أموات فكفنوهم، ثم تحركوا في الكفن، وأشياء كثيرة من هذا القبيل، فهل فعلا في أناس يعيشون بعد الموت؟

وقد أخبرتنا إحداهن أن الإنسان عندما يموت يشعر بكل من حوله، ويسمع أهله وهم يبكون حوله، ويشعر بكل شيء، فهل هذا صحيح؟ وأخبرتنا أخرى بأن الإنسان الصالح عندما يموت فتكون هذه اللحظة خير له من كل الدنيا، فهو يبشر بروح وريحان، فهل هذا صحيح؟

أرجو أن أجد حلا عندكم، فهذه المشكلة باتت تؤرقني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ همسة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الخوف من الموت بدرجة مقبولة هو أمر طبيعي، وربما يكون أمرًا إيجابيًا، لأنه يدفع الإنسان المؤمن الفطن إلى أن يعمل لما بعد الموت، لكن الخوف بهذه الصورة التي تحدثت عنها هو خوف وسواسي، خوف غير صحيح، وأعتقد أن الأمر قد تشابك أكثر، لأنك قرأت أو اطلعت أو سمعت عن قصص حول الموت وما بعد الموت، وأن أناسًا يعيشون بعد الموت، هذا الكلام كله ليس صحيحًا أبدًا.

اذهبي وجالسي إحدى الداعيات لتحدثك عن الموت وعن حياة البرزخ وما بعدها، واجعلي عقيدتك عقيدة صحيحة وسليمة، واسألي الله تعالى أن يحفظك، وأن يُطيل عمرك في عمل الصالحات، واجتهدي في أمور دنياك، زودي نفسك بسلاح العلم، وتذكري دائمًا أن الخوف من الموت لا يُنقص في عمر الإنسان ولا يزيد فيه أبدًا، واسعي دائمًا في بر والديك، هذا يفيدك كثيرًا -أيتها الفاضلة الكريمة-.

هذا هو العلاج الصحيح، أن تلمي بالمعلومات الفقهية الصحيحة عن الموت، وأن تعرفي أن الخوف من الموت بدرجة معقولة هو أمر إيجابي ومفيد للمسلم، وأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان لحظة ولا ينقص فيه لحظة، وأن تعيشي حياتك بكل قوة وأمل ورجاء، وأن تكون حياتك بالفعل نافعة لك ولغيرك من خلال التزود بالعلم، واستغلال الوقت بصورة صحيحة، وأن تكوني إنسانة فعّالة ونشطة، على نطاق الأسرة، وفي مكان الدراسة، وأن تحرصي على صلواتك في مواعيدها، وأن يكون لك ورد قرآني يومي، وأن تكوني حريصة على الأذكار، وأن تستمتعي وتروحي على نفسك بما هو طيب وجميل وحلال، هذا هو الذي يجب أن تعيشيه، أما أن تلصقي بنفسك الوساوس حول الموت وحول الغيبيات وأمور لن تجدي لها إجابة ما دام تفكيرك على هذا النسق الوسواسي.

لا أعتقد أنك في حاجة لعلاج دوائي، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً