الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الشاب من إصرار أمه على حضوره مراسيم الزواج في ظل عجزه المادي عن السفر

السؤال

أنا شابٌ تم بحمد الله عقد قراني على شابة من نفس عمري، موظفة، تعيش الآن في موطني الأصلي، وأنا أعيش بعيداً عنها، ولقد قررت أن أستقر، وطلبت من أهلي أن يتموا لي زواجي، ويرسلوا لي زوجتي، لكن أمي رفضت رفضاً شديداً، وطلبت مني الحضور شخصياً، علماً بأن ظروفي المادية لا تسمح لي الآن، وأخاف أن يتقدم بنا العمر.

أفيدوني أفادكم الله بعلمه وخيره.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ أمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

نسأل الله العظيم أن يبارك لك، وأن يبارك عليك، وأن يجمع بينكما في خير، وأن يرزقنا وإياك السداد والرشاد، وأن ينفع بك بلاده والعباد.

لا شك أن هذه الوالدة ترغب في أن تراك، وتفرح بزواجك، ونسأل الله أن ييسر أمرك ويغفر لك ذنبك، وإذا نويت البر بالوالدة فأرجو أن يجعل لك الله فرجاً ومخرجاً.

أرجو أن تجتهد في إقناعها بوجهة نظرك، ويمكن أن يساعدك في الأمر أخوالك وكبار السن من أهلك، خاصة إذا بينت لهم الدوافع الحقيقية لعدم حضورك لإتمام مراسيم الزواج بين أهلك وأسرتك.

إذا كان بالإمكان الصبر لبعض الوقت لتجهيز نفسك للسفر فأرجو أن تفعل ذلك؛ لتنال رضا هذه الوالدة، والتي أرجو أن تزيد من البر لها والاهتمام بها بعد زواجك، وبين لزوجتك اهتمامك بأمر الوالدة من أجل أن تكون عوناً لك على الإحسان إليها؛ حتى لا تشعر أنك أصبحت لا تهتم بها وتسمع رأيها بعد الزواج، وقد تغار الأم من زوجة جاءت لتشاركها في حب ولدها وجيبه.

إذا لم تستطع إكمال هذا الزواج إلا بهذه الطريقة فلا حرج، والله تبارك وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، واحرص على تهيئة نفسك لاستقدام الوالدة إليك أو السفر إليها لنيل رضاها مستقبلاً، وأنت أعرف الناس بالأساليب التي يمكن أن ترضي والدتك أو تخفف من إصرارها.

عليك بالتوجه إلى الله واللجوء إليه، وصل صلاة الاستخارة، وشاور الأخيار من أصدقائك وإخوانك، ولا تغفل الأعراف السائدة في منطقتك فهي معتبرة عند كبار السن، ومن الإشارات اللطيفة في كتاب الله ما ورد في سياق البر بالوالدين في سورة الإسراء عند قوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) [الإسراء:23]، ومضت الآيات في الدعوة إلى البر والإحسان، وختمت بقوله تعالى: (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ فَإِنَّهُ كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا) [الإسراء:25]، فإذا كانت النفوس عامرة بحب الوالدين والرغبة في نيل رضاهما فإن الله غفورٌ لمن اجتهد في ذلك إذا لم يرض عنه والداه؛ لأنه قد يكون عند بعض الآباء والأمهات إصرار على الرأي وبعض الجفاء في التعامل، وفي كل الأحوال نحن مطالبون بالإحسان (فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا)[الإسراء:23]، فلا تسفه رأيهما، ولكن عليك أن تحسن الاعتذار وتلطف في العبارة.

نسأل الله أن يوفقك لطاعته، وأن يبلغك مقاصدك في طاعته، وبه التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً