الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صبري نفد بسبب قسوة أمي المريضة وشكوكها بي!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع المميز، وأسال الله لكم التوفيق والسداد، وأن يجعله في موازين حسناتكم.

مشكلتي بسيطة وآمل منكم الاستشارة وطريقة التصرف.

مشكلتي هي أمي، وهي تبلغ من العمر 75 عامًا، لديها مرض الزهايمر، خلافي معها بدأ بعد تخرجي من الجامعة، حيث بدأت تراودها الشكوك فيّ، وتراقب تصرفاتي، إضافة أيضًا لغيرتها الشديدة مني حتى على أتفه الأمور.

ومنها: عند اتصال إحدى أخواتي عليّ تتضايق؛ لماذا لا يتصلون عليها، وهم قد حادثوها عند خروجي لتحفيظ القرآن، أيضًا تتضايق حتى عند خروجي مع أخواتي المتزوجات؛ لأنها تريد هي الخروج، وإذا طلبنا منها ترفض بسبب رجليها، حتى صديقاتي لم أقابلهن منذ تخرجي إلا في الجامعة؛ بحجة أنها تخاف عليّ إذا ذهبت لمنزل أحدهم، ويشهد الله أنها لم تمسك علي شيء؛ لأني ملتزمة ومحافظة على نفسي وصلاتي.

دائمًا تتعمد مضايقتي، وتدعو عليّ عندما أرفض شيئًا لا أطيقه، حاولت مدارتها والتقرب لها، وأتحنن عليها، لكن سرعان ما تتعمد أذيتي وجرح مشاعري، فلم أعد أتحمل التقرب منها، وهي تتحدث عني، وعن أخواتي أمام النساء بالسوء شيء وتشك بالكل حتى بالأطفال.

تحب ما أكره، وتكره ما أحب، أعدائي تتقرب منهم لتغيظني فقط، لا أعرف كيف أتفاهم معها أو أتصرف معها للوصول لقلبها! صبرت على سلوكها معي، لكن صبري نفذ، وخاصة أن شخصيتي عصبية، وأحاول أن أتمالك نفسي، وأتحمل استفزازها، لكن سرعان ما أنفجر لأتفه الأسباب.

سؤالي: كيف أتعامل معها وبأي أسلوب؟ لأنها أفشلت كل الأساليب التي استخدمتها؟ وهل هناك علاج لمرض الزهايمر؟ وكيف أغير من شخصيتي وأتمرس الصبر؟

وجزاكم الله الجنة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرًا لك على التواصل معنا بهذا الموقف الصعب عليك لا شك، وخاصة أن هذه المعاملة المؤلمة تأتي من أعز الناس إليك، وهي أمك، إلا أنها في الحقيقة تعذر؛ فهي لا تتصرف بهذا الشكل القاسي بإرادتها فغالبية من يصاب بالزهايمر يمكن أن تتغير شخصيته، وتظهر عليه سلوكيات لا تنسجم مع شخصيته الطبيعية السابقة للمرض، بحيث يفقد إرادته الواعية لحدّ كبير.

والذي يحتاج لتغيير وعلاج ليس أنت، وإنما هي فهي المصابة بهذا المرض، وإذا كان الزهايمر في مراحله الأولى، فهناك الآن بعض الأدوية الجديدة والخاصة في علاجه، ليس للشفاء منه، وإنما لتخفيف سرعة التدهور في فقدان الذاكرة.

وغير علاج الزهايمر: هناك أدوية نفسية أخرى تخفف من بعض السلوكيات الصعبة والمتعبة للأسرة، بحيث تجعل هذه الأدوية المريضة أطيع وأسهل للعيش معها، وتخفف من بعض هذه السلوكيات التي وردت في سؤالك؛ مما يساعدك ويساعد بقية أفراد الأسرة على العيش بطريقة أقرب للطبيعية.

أرجو أن تنتبهي أن وجود مريضة مصابة بفقدان الذاكرة أو الزهايمر يمكن أن يسبب الكثير من الضغط والتوتر على بقية أفراد الأسرة، كما يحدث معك في تغيير نمط حياتك الأسرية والاجتماعية والنفسية، وأرجو أن تنتبهي أيضًا لحاجاتك كفتاة شابة لها حياتها، وليس فقط الانتباه لحاجات الأم المريضة، وليس هناك من تعارض بين الأمرين.

والأصل أن توجد في بلادنا خدمات نهارية خاصة للمصابين بمثل هذه الأمراض، كالمراكز النهارية، بحيث يأتي باص صغير يأخذ الوالدة في الصباح، وتقضي بعض ساعات النهار في هذا المركز النهاري، وتعود مع الظهر أو العصر لتعيش بين أسرتها التي يستفيد أفراد الأسرة من ساعات النهار هذه في قضاء حوائجهم المختلفة، كأن تخرجي للعمل أو رؤية صديقاتك.

أرجو أن تراجعي طبيبًا نفسيًا قريبًا منكم ليقوم بتقييم حالة الأم، وربما يصف لها أحد الأدوية النفسية، وبجرعة خفيفة جدًا، مما يمكن أن يسهل العيش مع أمك.

وفقك الله ويسّر لكم ما ذكرته أعلاه، وجزاك الله خيرًا على رعاية والدتك المريضة.

وأنت أيضًا رزقك الله الجنة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً