الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف السبيل لارتداء الحجاب في مثل هذا الوضع؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا مهندسة، شاء الله تعالى أن أعمل مع الرجال في الميناء، وأنا الفتاة الوحيدة بينهم، والخدمات المسندة من قبل الإدارة هي للرجال.

في الحقيقة جميع من في الميناء يحترمني لأخلاقي ولحيائي ولجديتي في العمل، الله أكرمنى بجمال الوجه والخلق، وهذا ما يجعلني أتعرض للتحرش، فأكون متوترة دائما في الشغل وغير مرتاحة.

المشكلة أنني غير متحجبة، ولم أستطع حسم القرار في أمر الحجاب، علما أنني قمت بالعمرة، وأؤدي كل الفرائض، ومكان الشغل هو ما كتبه الله لي حتى يعلم مدى قوة إيماني، وهل أستطيع التخلي عن المظاهر والتزام الحجاب، فكيف السبيل لارتداء الحجاب، ونحن في هذا البلد العلماني البعيد عن التدين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خولة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن فضل الله عليك أنك تؤدين ما افترض الله عليك من صلاة وصوم وغيره، ومن توفيق الله لك أن يسر لك العمرة.

هنالك أمور أوجبها الله علينا غير ما يتبادر إلى الذهن، وذلك مثل طلب العلم الشرعي الذي به يتعلم المسلم ما لا يسعه جهله.

ومما أوجب الله على المسلم أن يتعلم أحكام أي أمر يريد القيام به قبل الولوج فيه، فالذي يريد أن يشتغل بالتجارة يحرم عليه الاشتغال بها حتى يتعلم أحكام البيع والشراء؛ كي لا يقع في الحرام.

وللمرأة أحكام تخصها دون الرجال، فمن ذلك أنه يجب عليها أن تتعلم أحكام الحيض إن قاربت البلوغ؛ لأنه يتعلق بذلك أحكام الصلاة والصوم والمعاشرة الزوجية وغير ذلك من العبادات.

المؤمن لا ينتقي من الأحكام ما يناسبه بل يأخذ بالدين كله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) ومن صفات أهل الكتاب التي مقتها الله تعالى أنهم يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ).

سمي المسلم بهذا الاسم لأنه مستسلم ومنقاد لأمر الله، ومؤمن لأنه مصدق بدين الله وشرعه، وينقص أو ينعدم الإيمان في حال عدم الانقياد لأمر الله ورسوله، قال تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) ولا يجوز لمؤمن بعد حكم الله أن يكون له خيرة قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا).

من جملة ما فرض الله على النساء الحجاب، فقال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، والإدناء معناه هنا الإرخاء والإسدال، والجلباب هو الثوب الذي تستر به المرأة بدنها كله من فوق ثيابها التي تستر عورتها، فالحاصل أن هناك ثوبا يستر أعضاء المرأة، وثوباً يستر زينة المرأة، وأما الجلباب فهو الذي يستر بدن المرأة كله، وقد أجمع العلماء أن الجلباب هو: الثوب الذي تضعه المرأة فوق ثيابها، إذا كانت ثيابها تستر أعضاءها وأماكن الزينة فيها، فإن الجلباب رداءٌ فَضْفَاضٌ واسعٌ يستر بدن المرأة كله، من رأسها إلى قدمها.

يجب على المرأة أن تبتعد عن مواطن الفتنة والريبة، وكل مكان ينخدش فيه حياءها، والمؤمنة تنأى بنفسها عن تلك المواطن وتطلب السلامة التي لا يعدلها شيء، فما فائدة الوظيفة إذا كانت سببا لهتك شرف المؤمنة.

ترك بعض المسلمات الحجاب يعد تقليدا للغربيات المتبرجات السافرات، والتقليد دليل ضعف الإيمان وضعف الشخصية.

التحجب يحتاج إلى إرادة قوية وتقديم رضى الله على رضى النفس والناس، وعدم الالتفات لحديث أهل الشهوات وتقديم الأمر الديني على الدنيوي.

المرأة إن ضيق عليها في تغطية وجهها فليس أقل من النقاب، فكما أنك تصلين ولا تبالين في كلام الناس وأنت في بلدك، فافعلي كذلك في الحجاب، وأتمنى أن تطالبي بنقل عملك إلى مكان أكثر أمنا على عفتك وحيائك.

سلي الله تعالى أن يرزقك الزوج الصالح الذي يكفيك شر العمل بين الذئاب البشرية، فإن رزقت به فقري في بيتك ولا تعرضي نفسك للفتنة، فتخصصك وإن كان ممتازا إلا أنه شاق، وإمكانية النأي بنفسك عن الاختلاط بالرجال ضعيفة، لكن إن وجدت مجالا للعمل المكتبي الآمن فلا بأس.

أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً