الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بسبب سوء معاملة أبي فقدت الثقة في نفسي ومن حولي، حتى خطيبي، فكيف أعود لذاتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة عمري 23 سنة، مشكلتي نفسية، وأريد أن أعرف ما هي؟ فأنا طوال حياتي أعيش حياة صعبة، كلها مشاكل وخلافات، وضغط نفسي، وأكتم كل شيء داخلي، ورغم ذلك كنت متفوقة، وآمل في مستقبل مشرق، ومبتسمة دائما.

كان والدي مسيطرا ومخيفا، ووالدتي تضربني لأتفه الأسباب، مما جعلني شخصية انطوائية، وغير قادرة على التحدث أمام الناس، وفقدت الثقة في نفسي.

لما توفي والدي شعرت لمدة سنتين بعدم الأمان، وبالذنب لكراهيتي له ولوالدتي، لأنهما تسببا في سوء حالتي النفسية، وبعد موته شعرت بالوحدة، فليس لي سواه، وقد اضطررت أن أعتمد على نفسي في مواجهة الحياة، فقد خذلني الجميع، وفقدت الثقة بهم، فصرت لا أثق إلا في نفسي.

عوضني الله بإنسان أحبني، وشعرت معه بالأمان، فصرت أرفض ابتعاده عني، وأغير عليه من أهله، وربما هذا الشعور تولد كرد فعل؛ لأن والدي كان يفضل أهله على والدتي، علما أن أهله يحبونني، لكنني لا أستطيع أن أحبهم، بالإضافة أنني صعبة الإرضاء، ومهما يفعل من أجلي أشعره أنه مقصر في حقي.

رغم حبي له يوجد في أعماقي خوف من المستقبل معه، فأنا أخشى أن يخدعني، أو يتغير في معاملته أو مشاعره، أو يتركني.

في الفترة الأخيرة، وبسبب بعض مشاكله، أصبح لا يأتي لرؤيتي باستمرار كما كان يفعل في السابق، ولا يشعرني بحبه كالسابق، وبدل أن أراعي ظروفه المؤقتة، صرت أفكر أنه لا يحبني، وأنه كان يكذب علي، ومهما حاول أن يقنعني أنه لا يزال يحبني لا أصدق.

صرت شخصية مختلفة عما كنت في السابق، فقد كنت أقدر كل شيء، وأسامح، وأحب كل الناس، فأصبحت أنانية، ومتسلطة، وأعطي كل مشكلة أكبر من حجمها، وغير راضية عن شيء، وأنظر إلى الأمور من الجانب السلبي، ولا أشعر بالسعادة بسبب تفكيري السلبي، ونظرتي السوداوية للحياة والناس والأمور.

أخشى أن أؤذي نفسي بسبب حالتي النفسية السيئة، أصبحت في حالة حزن دائمة، ولا أتوقف عن البكاء والتفكير، أصبحت لا أرغب في عمل أي شيء، فصارت حياتي مملة وروتينية جدا، وأحيانا أتمنى الموت لأرتاح.

أعلم أني مريضة نفسيا، ولكني أريد تشخيص حالتي، وطريقة العلاج، وأريد أن أرجع لشخصيتي السابقة، فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك وبكل هذا.

أنا لا أقول بأنك مريضة نفسيا، وإنما طبيعتك وشخصيتك التي صاغتها تجارب الحياة المؤلمة والصعبة، من سوء العلاقة أولا مع والدتك ووالدك، وهو أمر كلنا يحتاج إليه في حياتنا؛ لأنه أول علاقة بيننا وبين البشر، هذه العلاقة بالوالدين، خاصة أنها من الأمور الهامة جدا للعلاقات الناجحة مع بقية الناس في قابلات الأيام، ومن ثم حصل فقدان الأب الذي من الواضح أنه أثر فيك وأشعرك بعدم الأمان.

كل هذه التجارب جعلت شخصيتك بالطبيعة التي أنت عليها من حبّ التملك، وضعف الثقة بالآخرين، وعدم الرغبة بالاعتماد عليهم، وغيرها من الصفات التي جعلتك تشكين في مصداقية علاقاتك بالناس عموما، مما أثر على طبيعة قراراتك التي تتخذينها في الحياة، وربما غير هذا الكثير من تجارب الحياة التي ربما لم يتسع المجال لذكرها، فما العمل الآن، أو ما الحلّ؟ وكما ذكرت في رسالتك.

من الواضح أن عندك الكثير من العواطف والمشاعر التي تريدين الفرصة المناسبة للفضفضة والحديث فيها، وهذا لا شك سيخفف عنك كثيرا، ويعينك على التخطيط لبقية حياتك، وربما خير من يقوم بهذا هي أخصائية نفسية، وبحيث تقيم معك عدة جلسات للإرشاد النفسي، من أجل الحديث فيما حدث في الماضي في حياتك، ومن ثم ترميم بعض الجراح النفسية التي تراكمت خلال السنين، وبحيث تخرجين من تجارب الماضي، وتتطلعين أكثر للمستقبل واحتمالاته.

وأرجو أن لا تتأخري بالبحث عن أخصائية نفسية، وأخذ موعد معها للقيام بكل هذا العمل الضروري جدا لصحتك النفسية، وأنا لا أعتقد بأنك في حاجة في هذه المرحلة للطبيب النفسي أو العلاج الدوائي.

وفقك الله ويسّر لك الخير والفلاح في الدارين.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً