الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صديق الكل ليس صديقاً لأحد.. ما معنى ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هناك مقولة للفيلسوف أرسطو أعجبتني كثيرا، يقول فيها: (صديق الكل ليس صديقا لأحد)، أريد أن أفهم معناها الصحيح، فأنا أري أناسا لديهم عدة أصدقاء، وفي المقابل أرى أشخاصاً لهم صديق واحد ويعيشون أجمل الأوقات! ما هو الفرق بين الأصدقاء والمعارف؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ omer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك معنا، ونسأل الله أن يتولاك بحفظه، وأما الجواب على سؤالك فيكمن في الآتي:

معنى قول أرسطو "صديق الكل ليس صديقاً لأحد": معناها من وجهة نظري أن من يريد أن يجعل كل الناس أصدقاء له، سواء ممن يتفق معه أو من يختلف معه، ويحاول أن يرضي الجميع، ستكون طبيعة هذا الرجل متلونة، ويأتي كل طرف بحسب ما يهواه، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وتجِدونَ شرَّ النَّاسِ ذا الوجهينِ، الَّذي يأتي هؤلاءِ بوجهٍ، ويأتي هؤلاءِ بوجهٍ)، ]رواه البخاري برقم 3493].

هذا الصديق يخسر الجميع وخاصة أن إرضاء الناس كلهم غاية لا تدرك، ورضا الله غاية لا تترك، وأولى من قول أرسطو قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن التمَس رضا اللهِ بسخَطِ النَّاسِ رضِي اللهُ عنه وأرضى النَّاسَ عنه ومَن التمَس رضا النَّاسِ بسخَطِ اللهِ سخِط اللهُ عليه وأسخَط عليه النَّاسَ)، [رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ابن حبان برقم 2414].

ومن جانب آخر فأن قاعدة أرسطو قد لا تكون مطلقة، فقد يصادق الإنسان أصدقاء صالحين، ويسعى في أن تكون صداقته لهم على البر والتقوى، وخالصة لوجه الله، فيكون صديقا لهم جميعا ويحبه الجميع، وهذا الصديق يمكن أن يكتب له القبول في الأرض فيحبه الجميع، ويكون صديقا لهم جميعا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلَ: إن اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبِبْه، فيُحِبُّه جبريلُ، فينادي جبريلُ في أهلِ السماءِ: إن اللهَ يحبُ فلانًا فأحبُّوه ، فيُحِبُّه أهلُ السماءِ، ثم يُوضَعُ له القَبولُ في الأرض)، [رواه البخاري برقم 3209].

أما قولك: (فأنا أرى أنا عندهم أصدقاء كثر، وترى أحداً عنده صديق واحد ويعيشون أجمل أوقات)، هذا الكلام صحيح أحيانا، وخاصة إذا لم يجد إلا صديقا واحدا صالحا، ولكن هذا لا يعني أن من لديه أصدقاء كثر وهم صالحون فإنه يعيش سعيدا أيضا، المهم قضية الاختيار للأصدقاء كثرة أو قلة يختلف بحسب نوعية الأصدقاء.

ومن باب الفائدة نذكر لك أقسام الأصدقاء:

1- منْ صداقته كالغذاء لا يستغنى عنه في اليوم والليلة، وهم العلماء بالله تعالى والدعاة والصالحون.
2- من صداقته كالدواء، يحتاج إليه عند الحاجة، وهؤلاء غالب الأصدقاء غير الصالحين تحتاج إليهم نادرا.
3- من صداقته كالداء، وهم سيئو الأخلاق وغير الملتزمين بدينهم.
4- من صداقته فيها الهلاك المحقق، وهم المنافقون ودعاة الضلالة.
ذكر هذا -ابن القيم- في بدايع الفوائد ونقلته عنه بالمعنى.

وأما سؤالك الذي جاء فيه: (وباختصار ما الفرق ببين الأصدقاء والمعارف)؟ فالجواب عن ذلك لا يظهر لي الفرق، فالصديق والمعروف سواء، وإن كان من فرق فيمكننا القول أن الصديق أقوى صلة بك، لأنه يصدقك ويقف معك في حال السراء والضراء، أما من يعرفك فقد لا يقوم بأي شيء نحوك.

وفقك الله إلى مرضاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً