الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبت فتاة على خلق ودين، ولكن قلبي متعلق بأخرى.. هل أخطبها وأترك الأولى؟

السؤال

خطبت فتاة على خلق ودين، ومتمسكة بدينها جدا، ولكن كان قلبي متعلقا بفتاة كانت مخطوبة، ولم يتسن لي الفرصة أن أتقدم لها بسبب أنها كانت مخطوبة، الآن حصلت ظروف في خطبتها ولم تتم، وأنا الآن أريد ترك خطيبتي، وأذهب لأخطب الأخرى، أريد جوابا بالله عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdelkhalek حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك أخي الكريم، وردا على استشارتك أقول: يجب أن توقن بأن الزواج رزق من الله تعالى يسير وفق ما قضاه الله وقدره، ولا يتخلف عن ذلك شيء، ولا يستطيع أحد أن يتحكم به لا تقديما ولا تأخيرا حتى ربما ذهبت لتخطب تلك الفتاة فلم توفق لذلك.

أفضل ما تتصف به الزوجة أن تكون ذات خلق ودين كما قال عليه الصلاة والسلام: (تُنكَحُ المرأةُ لأربعٍ: لجمالِها ولحسَبِها ولمالِها ولدِينِها فعليكَ بذاتِ الدِّينِ ترِبَت يداكَ)، ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها، ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها.

صفة الدين والخلق هي المرجحة في حال اختيار شريكة الحياة، إضافة إلى الصفات الأخرى كما قال عليه الصلاة والسلام: (ألا أخبرك بخير ما يكتنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته)، فذكر ثلاث صفات الأولى إن نظر إليها سرته بجمالها وتجملها وبشاشة وجهها، وإن أمرها بأمر أطاعته، ولم تخالفه ما لم يكن معصية، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وحفظت ماله وبيته وولده، وهذه الصفات يمكن أن تعرفها من خلال النظر في صفات أمها وأخواتها، فالفتاة غالبا تكون نسخة من صفات أمها.

لا يصلح أن تكسر بخاطر هذه الفتاة طالما، وهي صاحبة دين وخلق؛ لأنك لا تدري هل سيرحب بك أهل تلك الفتاة، وبذلك ستكون خسرت صاحبة الدين، ولم تفلح بتلك الفتاة.

لم تخبرنا عن صفات تلك الفتاة، وهل هي ذات دين وخلق، أم اغتررت بجمالها الظاهري، وما شابه ذلك من الصفات.

صحيح أنك في فترة الخطوبة، ولكنك قد أعطيتهم وعدا بالزواج والرجوع دون مبرر مقبول يعد صفة ذميمة كما قال عليه الصلاة والسلام في صفات المنافقين: (أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يتركها وذكر: ... وإذا وعد أخلف)، ولا أظنك ترتضي مثل هذا لأختك، فكيف ترتضيه لنفسك؛ لأن السبب ليس وجيها.

يقال في المثل: (القناعة كنز لا يفنى)، فاقنع بما قسم الله لك، وارض بما قدره لك، فمن رضي فله من الله الرضا كما ورد في الحديث: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).

أوصيك أن تتعرف أكثر على صفات خطيبتك الحالية، فلعلك تكتشف فيها من الصفات الشيء الكثير التي تجعل قلبك مطمئنا، وعليك أن تغلب جانب الدين والخلق على كل الصفات.

لا بد أن تتعرف بطريقة ذكية على الأسباب التي جعلت خطوبة تلك الفتاة تنتهي، فلعلك تتعرف على السبب فيردعك عن ترك خطيبتك الحالية.

لو عملت مقارنة بين هاتين الفتاتين بكل ما تحملانه من الصفات، فإن قلت إن تلك الفتاة التي فسخت خطوبتها جميلة، ولكنها ليست في التزام هذه الفتاة، وهذه متوسطة الجمال مع تدينها وحسن أخلاقها، فسأقول لك تخير صاحبة الدين والخلق فإنهما تغطيان كل عيب.

الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).

نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً