الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الوساوس بشأن الدورة الشهرية، أفيدوني برأيكم.

السؤال

السلام عليكم

أنا بنت غير متزوجة، وبعمر ٢١ سنة، أعاني من الخوف الشديد من تأخر الدورة الشهرية، دورتي كانت منتظمة جداً ولكنني سافرت أسبوعاً، وخلال ذلك الأسبوع لم آكل جيداً أبداً، وفقدت بعض الوزن، وعندما عدت بعدها تأخرت دورتي الشهرية ولم تأت حتى الآن، وقد مر ٤١ يوماً، لذا بدأت الوساوس تدخل إلى عقلي، إن كنت حاملا من المرحاض، أو الجلوس على شيء ما.

أصبحت مهووسة بهذه الفكرة، وينتابني القلق الشديد ولا أستطيع إيقاف أفكاري، كما أنني أعاني من أعراض كالإمساك وألم في المعدة، وآلام في المبيضين، وتقلصات تشبه آلام الدورة الشهرية، كما أصابني الشعور بالغثيان بعد كل وجبة، أنا خائفة جدا، فأنا -الحمد لله- ليس لي أي نوع من العلاقات المحرمة، ولم أتجه إليها أبدا -ولله الحمد-، ولكنني خائفة جدا، وبدأت أشعر بالاكتئاب الشديد، لا أستطيع إيقاف تلك الأفكار مع أنها غير منطقية، ولكن تلك الأعراض تجعلني أؤمن بها أكثر فأكثر.

لا أعلم حقا سبب اختفاء دورتي الشهرية بشكل مفاجئ هكذا، بعدما كانت منتظمة جدا لمدة سنة كاملة، فهل يمكن ألا تأتي أصلا في هذا الشهر، وماذا علي أن أفعل؟

أرجو منكم إرشادي، وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ MarMar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

أنا أعرف هذا النوع من الوسواس الذي تعانين منه، سخيف ومؤلم خاصّة للنفوس البريئة والطاهرة مثل شخصك الكريم.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: تأخُّر الدورة الشهرية قد يحدث خاصّة في مثل عمرك، نعم دورتك كانت منتظمة تمامًا ولمدة عام، وبعد ذلك حصل هذا التأخُّر. أسبابه قد تكون نفسيّة؛ كالقلق والتوتر والمخاوف أو شيء من هذا القبيل، فأرجو أن تأخذي الموضوع ببساطة أكثر.

لكن أنصحك أن تذهبي إلى طبيب الرعاية الصحية الأوليّة، أو إذا أردتِّ أن تذهبي إلى طبيبة نساء وتوليد؛ هذا أيضًا سوف يُطمئنك أكثر، وذلك من أجل القيام بعض الفحوصات الهرمونية، فلا بد أن:

• تتأكدي من مستوى الـ (بروجسترون Progesterone).
• والتأكد من مستوى الـ (استروجين Estrogen).
• وهنالك هرمون يُسمَّى هرمون الحليب (برولاكتين Prolactin).
• وكذلك تأكدي من وظائف الغدة الدرقية (TFTs) هذا مهمٌّ جدًّا، زيادة نشاط الغدة الدرقية كثيرًا ما يُؤدّي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية.
• وحتى نقص فيتامين (D) قد يُؤدّي إلى ذلك.
• كذلك نقص الدم (فقر الدم/أنيميا/ Anemia).

كلّ هذا قد يُؤدّي إلى اضطرابات في الدورة الشهرية، بجانب قطعًا القلق والتوترات كما ذكرتُ لك.

إذًا الخطوة الأولى هي أن تطمئني -إن شاء الله- أن السبب لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بوساوس الحمل هذه، هذه الوساوس السخيفة، وهذا الأمر يجب أن تُحقّريه تمامًا، وتتجاهليه تمامًا.

الخطوة الثانية هي أن تذهبي وتقابلي الطبيب، طبيبة الرعاية الصحية الأولية، طبيبة النساء -كما ذكرتُ لك- وذلك من أجل الفحوصات الطبية اللازمة، وأنا متأكد أن الطبيبة بعد أن تتأكد أن كل شيء سليم سوف تعطيك علاجًا لأمر الدورة، وهذا أمر سهل جدًّا.

من الناحية النفسية أيضًا، وحتى نطمئن عليك أكثر: أنا أريدك أن تتناولي أحد مضادات القلق والمخاوف والوساوس البسيطة جدًّا.

هنالك عقار رائع جدًّا يُسمَّى (سيبرالكس Cipralex) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام Escitalopram) أرجو أن تتناوليه بجرعة نصف حبة -أي خمسة مليجرام- يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناوله.

هذا دواء ممتاز، سليم، فاعل جدًّا لعلاج القلق والمخاوف والوساوس، وهو غير إدماني، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة جدًّا ولمدة قصيرة جدًّا، -وإن شاء الله تعالى- هذا الدواء يكون كافيًا، مع تغيير مفاهيمك حول الوسواس، ويجب أن يُحقّر، ويجب ألَّا يُحاور، ويجب ألَّا يُناقش، واتخذي الخطوة الطبية التي ذكرتُها لك، وهي خطوة إحراء بعض الفحوصات الطبية التي ربما تكون متعلقة بتأخُّر الدورة الشهرية.

اجتهدي في دراستك، استمتعي بحياتك بصورة إيجابية، يجب أن تكون لك آمال وطموحات، احرصي على التفاعل الأسري الإيجابي، وبر الوالدين، -الحمد لله تعالى- أنت حريصة على صلواتك وقطعًا الورد القرآني اليومي والدعاء والذكر، وهذا -إن شاء الله تعالى- فيه خير كثير لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً