الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أفكر كثيرا في العمل والوضع الاقتصادي السيئ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أفكر كثيرًا في العمل والوضع الاقتصادي السيء الذي نمر به بسبب جائحة كورونا، قلق جدًا من هذا الوضع، في بعض الأحيان تكون النفسية سيئة، الأيام كلها مثل بعض، قلة عمل، روتين يومي قاتل، والشعور الذي ذكرته مسبقًا يجعلني لا أرغب بعمل شيء في العمل أو البيت.

بعض الأحيان لا أستطيع الاستيقاظ في الصباح للذهاب إلى العمل، أرغب في المزيد من النوم، على الرغم من نومي 6 أو 7 ساعات، أشعر بالتعب والإجهاد على الرغم من عدم القيام بأي مجهود يذكر، تحدث مشاكل بيني وبين زوجتي على أمور تافهة جدًا، وفي بعض الأحيان تتفاقم الأمور بسببي، بسبب نفسيتي السيئة، للأسف لست ملتزمًا بالصلاة بشكل كامل.

قبل أسبوع تقريبًا أصبحت أشعر بقشعريرة خفيفة، بدون ارتفاع حرارة الجسم وبدون أن يقف شعر البدن، وبعض الأحيان تعرق أثناء النوم، ولكن هذا الشعور ليس بشكل دائم، وكل يوم يختلف عن اليوم الذي قبله وأحيانًا غير موجود.

بدأت الأفكار تراودني بأني مصاب بمرض معين يسبب لي هذا الشعور، وهذه الأفكار متعبة للغاية، بدأت أبحث وأقرأ على الإنترنت حول مسببات القشعريرة والتعرق، قمت باجراء فحوصات شاملة cbc ،tsh، b12، فيتامين د، مخزون حديد، سكر، دهنيات، وظائف كلى وكبد، وبانتظار النتائج، هل ما أشعر به سببه نفسي، أم أن هناك احتمالات أخرى؟ أرجو مساعدتي للخروج من هذه النفسية السيئة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: - مع التقدير والاحترام – من خلال استشارتك السابقة ومن هذه الاستشارة أرى أنه أصلاً لديك ميول لقلق المخاوف، وهذا قطعًا يُزعج الإنسان، وهذا ليس مرضًا، إنما هي ظاهرة، ظاهرة تُفسّر كل الذي حدث لك.

موضوع جائحة الكورونا بالفعل هي مشكلة كبيرة اجتاحت العالَم، لكنّ الإنسان لا يجب أن ينظر إليها بشخصنة، إنما تنظر إليها كمشكلة عامة أصابت كل الدنيا، لست أنت وحدك -أخي الكريم-، فيجب ألَّا تُشخصن الأمر، وهذا في حدِّ ذاته يجعلك ترتاح كثيرًا، وقطعًا حين تنظر لمن ماتوا من هذا المرض ولمن تعرضوا لهذا المرض وتُقارن، سوف تجد -إن شاء الله تعالى- أنك بخير.

فيا أخي الكريم: النظرة بمنظار العموم وليس بمنظار الخصوص؛ حتى نتعايش مع المشكلات أو الصعوبات أو الأمراض التي تُصيب عامة الناس.

أخي الكريم: أنا أحس أيضًا أنه لديك مزاج اكتئابي بسيط، ليس الاكتئاب العميق المطبق، رغبتك في المزيد من النوم هي دليل على ذلك. أنا لا أرى حقيقة أنك تعاني من أي مرض عضوي، وأحسنتَ بأنك قمت بإجراء الفحوصات، و-إن شاء الله تعالى- كلها سوف تكون سليمة.

أنا أعتقد أنك محتاج لأن تجعل نمط حياتك نمطًا إيجابيًّا ومتفائلاً، ومن الأشياء التي يجب أن تلتزم بها ممارسة الرياضة – رياضة المشي، أو الجري، أو السباحة، أو كرة القدم – أي رياضة متاحة سوف تساعدك كثيرًا.

الرياضة تبعث الطاقات الإيجابية في الإنسان، وتحِدُّ كثيرًا من المشاعر وحتى الأفكار السلبية، وتختفي -إن شاء الله تعالى- الآن أثبتَ بما لا يدع مجالاً للشك أن الرياضة تُحسِّن من مستوى الإفرازات الدماغية المتعلقة بالمزاج، وهذا جعل الكثير من الناس لا يحتاجون للأدوية.

أخي الكريم: حُسن إدارة الوقت يقضي على الروتين حقيقة، والواجبات أكثر من الأوقات، الإنسان يمكن أن يقرأ، ويمكن أن يعبد، مثلاً تدخل في مشروع حفظ القرآن الكريم، أن تتواصل مع أصدقائك، أن تجلس مع أسرتك، أشياء كثيرة جدًّا يمكن أن يقوم بها الإنسان -يا أخي-، فأرجو أن تحسن إدارة وقتك.

ويجب أن تتجنب النوم النهاري بشكل قاطع، وتتجنّب السهر، وهذا سوف يجعلك -إن شاء الله تعالى- تنام النوم الصحي.

أخي: لا بأس أبدًا – بعد أن تتأكد من الفحوصات تمامًا، وأحسبُ أنها -إن شاء الله تعالى- سوف تكون سليمة – ليس هنالك ما يمنع أن تتناول أحد مضادات قلق المخاوف لفترة قصيرة، عقار مثل الـ (زولفت) والذي يُسمَّى علميًا (سيرترالين) سيكون دواءً مناسبًا جدًّا بالنسبة لك، الحبة تحتوي على خمسين مليجرامًا، يمكن أن تبدأ بنصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجرامًا – يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة واحدة يوميًا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميًا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء دواء ممتاز جدًا، وهذه جرعة صغيرة، ومدة العلاج مدة قصيرة، وأنا أعتبره داعمًا حقيقة لما ذكرتُه لك سلفًا حول نمط الحياة الإيجابي، والذي يجب أن تنتهجه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً