الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمي تثير المشكلات، كيف أتعامل معها؟

السؤال

السلام عليكم

أمي عمرها 70 عاماً، ودائمة الشكوى، ودائمة افتعال المشكلات مع الجيران بالتطاول اللفظي، ثم يقوم الجيران بالاتصال بي فأذهب للتدخل في العراك، وأقف بجانب أمي على الرغم من أنها مخطئة، وبعد الفض وانصراف الجيران لم أستطع السيطرة على انفعالاتي، فأقوم بتوبيخها على أفعالها، ثم ألوم نفسي لمعرفة أن ذلك ذنب عظيم عند الله، ومن الكبائر.

حاولت اصطحابها معي بمنزلي لكنها أيضاً تفتعل المشكلات مع زوجتي، قد تصل للانهيار العصبي، وتسبب لي الحرج في كثير من التصرفات، ومشكلاتها مع أبي كثيرة لا تستطع كسبه، وكثيراً ما يطردها من المنزل ثم أجلبها إلى منزلي، ثم تفتعل المشكلات مع زوجتي مرة أخرى، وزوجتي تتصل بي، وهي في حالة انهيار.

لا أستطيع التركيز في عملي بسبب تلك الضغوط، وكثيراً ما أصل لحالة من الانفجار، ولم أستطع الاستمرار في البر على الرغم من أنني أحاول، ولكن كثيراً ما أنفعل، ولم أستطع مواصلة بر الوالدين.

أرجو توجيه أكثر نصيحة عملية لتجاوز ذلك الابتلاء، وهل للعقوق كفارة؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إسلام حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أيها الأخ الفاضل-، نسأل الله أن يرزقنا وإياك البر لآبائنا في حياتهم وبعد مماتهم، فالبر عبادة عظيمة، ربطها العظيم سبحانه بتوحيده وبطاعته، ولذلك قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة مَن لا يُطيع والديه)، نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا هذا الخير، واعلم أن الصبر على الوالدة من أوسع أبواب البر لها، وإذا لم تتحمّل أنت والجيران وزوجتك الوالدة في هذا السِّنِّ فمن الذي يتحمَّلُها؟

ونحن نُقدّر معاناتك ونُقدّر صعوبة الوضع، لكن نتمنَّى أن تُدرك أن الصبر على الوالدة والتلطف معها والإحسان إليها مطلوب، رغم ما ذكرتَ من معاناة، والحل سهل، الحل العملي الأول هو أن تُطيّب خاطر الجيران، وأن تطلب عفوهم بعيدًا عن الوالدة، وأن تُطيّب خاطر الزوجة وتُوفّر لها الدعم المعنوي، وتطلب منها أن تُكرم الوالدة، وأنت تُكرمُها وتُكرم أهلها وتحملها على رأسك، فإن الزوجة إذا وجدت الدعم المعنوي من زوجها فإنها تتحمّل الصعاب.

إذا كانت الوالدة في هذا السِّنِّ فنحن الذين ينبغي أن نتغيّر وليست الوالدة، وكما نقول: هذا يُسمَّى (شراء المظالم)، فإذا ظلمت والدتُك الجار تُطيِّبَ خاطره، وإذا ظلمت والدتُك زوجتُك فطيِّب أنت زوجتك وعوّضها خيرًا، حتى لو استطعت أن تُرضي الجيران الذين أغضبتهم والدتُك بالهدايا والعطايا والكلام الجميل؛ فإن هذا مطلوب.

وإذا دخلت في مشكلة حيَّة، الوالدة تُخاصم الجيران، فعليك أن تفصل بينهم بالخير، وتُبعد الوالدة عنهم، ثم تُهدأ من روع الوالدة، ثم تذهب إلى الجيران فتعتذر، وتطلب منهم أن يُسامحوك، وكذلك الأمر بالنسبة للوالد، إذا خلوت به تُسمعه خيرًا، وتُحسن الاستماع إليه، وتطلب منه الإحسان للوالدة، وإذا خلوت بالوالدة تُثني عليها، وتذكرها بالخير، وتُذكّرُها بما كانت عليه من أفضال والجوانب الإيجابية فيها، ثم تُطيب خاطرها.

ولذلك حتى ولو كان الخصام بين الوالد والوالدة فإنا لا نملك إلَّا أن نقول لك كما قال مالك: (أطع أباك ولا تعصي أُمّك)، بمعنى أنك تُداريهم، وتسترضيهم، وتصبر عليهم، وتعوّض مَن ظلموهم، وتُطيّب خاطر مَن أساءتْ إليهم الوالدة، وتدعم زوجتك معنويًّا، وتُبيِّن لها أنك تقتنع وتعرف أنها تُعاني من صعوبات، وتُبشِّرُها بأن الله سيُكافؤها، وأنك لن تُقصّر في حقها، وستعرف لها هذا الفضل.

نسأل الله أن يُعيننا وإيّاك على البر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً