الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عصيت ربي فهل سيقبل توبتي؟

السؤال

عمري 25 عاما، كنت في علاقة محرمة مع أحد الأشخاص، ولا أنكر أني كنت أعرف أنها حرام، لكن الشيطان زين لي فعل المعصية، كنت أرسل له صور جسمي، وكان يعدني أنه سيتزوجني وأنا صدقته، اكتشفت أنه يكذب علي، هل يجوز أن أدعي عليه أم لا؟ أخاف أن لا يغفر الله لي؛ لأني كنت أعرف أن ما قمت به كان حراما وقد فعلته.

فهل سيغفر الله لي أم لا؟ وهل سيقبل توبتي أم لا؟ أرجوكم أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إلهام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نحن نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفقك لمراجعة موقفك والعزم على التوبة والاستغفار من إتيان هذا الذنب، وهذا دليل على أن الله تعالى أراد بك الخير، فاشكري نعمة الله عليك بأن ألهمك التوبة والرجوع إليه، فبادري بهذه التوبة من غير تسويف ولا تأخير.

والتوبة يقبلها الله تعالى من أي ذنب كان، فإنه يقبل توبة المشركين الذين يسبُّونه ويُقاتلون أنبيائه، ومع ذلك يدعوهم سبحانه وتعالى إلى التوبة، فيقول: {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم}، ويقول سبحانه: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا إنه هو الغفور الرحيم}، فليس هناك ذنب أكبر من التوبة، والتوبة تمحو ما قبلها أيًّا كان هذا الذنب، فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).

فبادري بالتوبة، والتوبة تعني: أن تندمي على فعل هذه المعصية، وأن تعزمي بقلبك على ألَّا ترجعي إليها في المستقبل، مع تركك لها في الحال. فإذا فعلت هذه الأمور فإن الله تعالى يقبل توبتك ويغفر لك ذنبك، وهذا من رحمته سبحانه وتعالى.

فبادري إلى التوبة، وأحسني الظنّ بالله أنه سيغفر لك، فإنه يقول عن نفسه سبحانه وتعالى: (أنا عند ظنّ عبدي بي). واعلمي بأن هذا الشخص كغيره من الذئاب البشرية الذين يسعون لإيقاع فريستهم في شراكهم، متوسّلين إلى ذلك بأنواع من الحيل والكذب، فإذا فازوا بنيل غرضهم تركوا الفتاة بعد ذلك تعيش في آلام وحسرات، ولعلّ في هذا درسًا لك تتعلّمين منه أن الخير كل الخير في اتباع ما أرشدك إليه ربُّك ونبيُّك من الآداب والأحكام، فإن الله سبحانه وتعالى شرع للمرأة آدابًا وأحكامًا لحفظها وصيانتها، فلو التزمت الفتاة هذه الآداب لما توصّل إليها أحد من هؤلاء الذئاب، فاجعلي من هذا الخطأ الذي وقعت فيه درسًا يدلُّك على الطريق ويُعرِّفُك بمنهجك في المستقبل، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

وأمَّا الدعاء على هذا الشخص: الدعاء على هذا الشخص فإنه وإن كان يستحقه لأنه ظالمٌ ومعتدٍ، والدعاء على الظالم مشروع، لكن نصيحتي لك أن تشغلي نفسك بحالك أنت، وأن تُكثري من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يغفر لك ويتجاوز عنك وييسّر لك الخير ويرزقك الزوج الصالح، فهذا الدعاء الذي فيه خير لك ومنفعة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، وأن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً