الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكل في الذاكرة والنوم وفقدان الدافعية بشكل كلي.. أرشدوني

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب، عمري 28 سنة، مدخن. سافرت قبل عامين إلى أوروبا لدراسة الماجستير، وفي أول 10 أيام من وصولي (وحتى الآن) بدأت أشعر بأعراض عدم التركيز، وتراجع الذاكرة، مما صعب عليّ دراستي، كما أنني من الصعب جدًا أن أنام في الليل، فكل التعب والنعاس يأتيني نهارًا، وأشعر ببعض الأوقات بتراجع اليقظة لدي (خصوصًا في النهار) أي أنني أشعر بحضور ذهني وحالة فكرية أفضل في الأوقات المتأخرة من الليل.

لاحظت أيضًا أنني فقدت الشغف بالأشياء المتعلقة بدراستي التي كنت أستمتع فيها من قبل وتوقفت عن تطوير نفسي، وكأنني أصبحت شخصاً آخر، وهذا الموضوع سبب لي حالة من الانزعاج والقلق.

أنا أعلم أن اضطراب النوم هو أحد أهم الأسباب لتلك الأعراض، ولكن المشكلة أنني لا أستطيع أن أنظمه، فمهما كنت بحاجة للنوم لا أستطيع أن أنام ليلاً، فكيف يمكنني تنظيمه؟ وهل ما أعاني منه قد يكون من علامات الشيخوخة، أو مرضاً خطيراً؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

لا شك أن الإجهاد النفسي والجسدي الذي يأتي من اضطراب النوم وقلته؛ يؤدي إلى اضطراب في التركيز وإلى ضعف في القدرة على تسجيل وتشفير المعلومات والاحتفاظ بها، وهذا يعطي الإنسان الشعور بأن ذاكرته متراجعة، طبعاً هذه ليست حالة عضوية أبداً، موضوعك لا علاقة له أبداً بعلامات الشيخوخة أو المرض الخطير، هي ظاهرة معروفة متعلقة غالباً بنوع من القلق الاكتئابي البسيط أو عدم القدرة على التكيف.

وبالرغم من أنك أمضيت عامين في البلد الأوروبي، لكن الإصابة قد تحدث، أو هذه النوبات من عدم القدرة على التواؤم، أو عدم القدرة على التكيف، وتظهر بالفعل في شكل قلق اكتئابي بسيط، يعبر عنه كاضطراب في النوم مثلاً، وافتقاد الشغف والدافعية والأشياء التي كان يحبها الإنسان، أو الواجبات التي لا بد أن يقوم بها.

أيها الفاضل الكريم: الأمر -إن شاء الله- في غاية البساطة، أنت تحتاج لتنظيم الساعة البيولوجية لديك.

أولاً: يجب أن تتجنب النوم النهاري تماماً مهما كنت مجهداً.
ثانياً: يجب أن تثبت وقت النوم ليلاً حتى وإن لم يأتك النوم، لكن يجب أن تهيئ نفسك، وتجعل النوم يبحث عنك، وأحد الطرق التي يهيئ الإنسان نفسه من خلالها هو أن يذهب إلى الفراش في وقت معين مع تجنب السهر، ويجب أن تتجنب أيضاً الميقظات والمثيرات مثل: الشاي والقهوة وكل محتويات الكافيين، هذه لا تتناولها أبداً بعد الساعة الرابعة مساءً.

عليك بممارسة الرياضة أي نوع من الرياضة، لكن تجنب الرياضة الليلية المتأخرة؛ لأن هذه تزيد من اليقظة، عليك أيضاً بتطبيق تمارين الاسترخاء خاصة تمارين التنفس المتدرجة هذه مفيدة جدا،ً وتوجد برامج كثيرة جداً على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

بالنسبة للعلاج الدوائي طبعاً؛ أنا لم أصف لك أي نوع من المنومات الإدمانية، لكن أنصحك بتناول دواء مثل الميرتازبين، هو في الأصل مضاد للاكتئاب، وحين نعطيه بجرعات صغيرة يساعد جداً في تحسين النوم دون أن يؤدي إلى أي نوع من الإدمان، تبدأ في تناوله بجرعة 7.5 ملجم ليلاً ساعة قبل النوم لمدة أسبوع، ثم ترفع بعد ذلك الجرعة إلى 15 ملجم ليلاً، الدواء يأتي غالباً في عبوة 30 ملجم، وفي بعض الدول متوفر في عبوة 15 ملجم، فإن وجدته في عبوة 15 ملجم في هذه الحالة تبدأ بنصف حبة أي 7.5 ملجم ليلاً، وإن وجدته في عبوة 30 ملجم تبدأ بـ 7.5 مليجرام أي ربع حبة كبداية، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى 15 ملجم، أي نصف حبة، وتستمر على هذه الكيفية لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، وبعد ذلك يمكنك أن تتوقف عن تناول الدواء.

أيضاً سيكون من المفيد لك أن تتناول المركب الطبيعي الذي يعرف باسم ميلتونين، الميلتونين حقيقة هو نوع من الهرمون الدماغي تفرزه غدة في الدماغ تسمى غدة هانيل، وهذه الغدة ربما يحدث فيها نوع من الاضطراب في الإفراز مما ينتج عنه اضطراب في النوم، فلا توجد وسيلة فحصية، لكن هذا الكلام الذي ذكرته لك كلام علمي جداً، والميلتونين لا يحتاج إلى أي وصفة طبية، يمكنك أيضاً أن تتناوله ليلاً بجرعة 5 ملجم لمدة شهرين أو ثلاثة؛ مهمة الميلتونين أنه يرجع الساعة البيولوجية المتعلقة بالنوم إلى وضعها الطبيعي.

احرص يا أخي على أذكار النوم، وكن متفائلاً ومدركاً إلى أن حقيقة النوم هي أنه أمر طبيعي يعتمد على مكونات بيولوجية ونفسية طبيعية.

جزاك الله خيراً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً