الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف نتعامل مع شجار الإخوة والأب الشديد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أريد أن أبدأ سؤالي بشرح بسيط، نحن من عائلة أبي وأمي يحبون العلم كثيراً، وعلمونا حتى كبرنا وصرنا في الجامعات، وتركوا عائلاتهم والأقرباء وتفرغوا لتربيتنا، وهم يخافون علينا من الخلاف بين بعضنا؛ لأنهم ذاقوا الأمرّين من إخوتهم وأخواتهم كوننا نعيش في قرية صغيرة ولا أحد متعلم فيها، ولكن من حام حول الحمى وقع فيه.

والآن بدأت الخلافات بين إخوتي وكل واحد منهم ببلد، وكل واحد ينتظر الآخر على أتفه الأسباب حتى يتقدم بشكوى لوالدي.

المشكلة أن والدي عاش عمره عسكرياً وحله لخلافاتنا عسكري بحت، لا يوجد صبر ولا تأني، والحلول تكون كأننا على الجبهة.

وأحياناً إخوتي يتمردون على والدي؛ لأن أحكامه وحلوله تكون خالية من الحكمة في لحظات الغضب، أختي وأخي ونحن البقية والله نضيع بينهم إن أنصفنا أحدهم على الآخر يغضب الآخر ونغضب الأهل إن لم نكن كموقفهم، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ونحن لا نريد أن تكبر المشاكل والقطيعة بيننا و-لا سمح الله- نخسر والدي في لحظة غضب.

ماذا علينا أن نفعل؟ وأرجو منكم أن تبينوا لنا مدى حكمة الأب وكيفية تعامل الأخوة مع بعضهم، هل التعامل كالغرباء أفضل وسلام سطحي لتفادي القيل والقال أم العكس كإخوة يحب بعضهم الآخر؟

أرجوكم ساعدونا، ما هو دورنا ودور أهلنا؟
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ملاحظة: الخلاف دائماً بين نفس الأخت والأخ كلاهما ينفخ ناراً على الآخر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بيلسان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص أسئلتك فدعينا نجيب من خلال ما يلي:

أولاً: الحكمة في تعامل الوالد مع أولاده لا تظهر أو لا يحكم عليها بنظرة عاجلة، فلا نستطيع من خلال قراءة بعض الأسطر أن نجيب هل كانت هنا حكمة أم لم تكن.

ثانياً: ليس من شرط الحكمة في التعامل أن تكون النتيجة دائماً إيجابية، بل قد يتخذ الأب القرار الصحيح والمنهج الصحيح ثم يضل أولاده، والعكس بالعكس، وما حادثة نبي الله نوح عنك ببعيد، فقد اتخذ المنهج الأصح والأسلوب الأوفق، والزمن الطويل، ومع ذلك قال له ولده: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء)، فالفشل في أحد المجالات لا يوجب خطأ التعامل.

ثالثاً: قد يخطئ الوالد في تقدير بعض الأمور، وقد يتخذ القرار الصحيح ويترك الأصح، وقد يكون أمامه من العقبات ما لا يدركه الأبناء فيتخذ قرارات لا يفهموها، وقد يكون تخوفه الشديد من تجربة ما أتت بردة فعل سيئة فجاوز حد الاعتدال في مسألة ما، كل هذا وارد ومحتمل، لكن الأكيد والذي لا يقبل الاحتمال أن الوالد أصدق عاطفة وأنقى نصيحة وأعطف مخلوق على أولاده، فإن أخطأ في أمر فلا ينبغي نسيان ذلك.

رابعاً: الخلافات بين الأخوة أمر طبيعي وهي تزداد حدة أو تقل بحسب بعض المعطيات، ونحن نرى أن اجتثاث الخلاف أمر محال، لكن التعامل الصحيح ما يكون وفق قاعدتين:

1- تأصيل المحبة بين الأخوة وترسيخها وربطها بالدين.

2- الحوار الدائم الذي يسع الاختلاف في إطار الأخوة، فليس لأنا مختلفين أننا أعداء، بل الخلاف لا بد أن يفهم في إطاره الطبيعي، وأن هذه جزء من حيوية الإنسان فلا ينبغي مصادرته، بل إدراته إدارة جيدة وفق دائرة الأخوة.

خامساً: نرى أن الدور الرئيس لكم في هذا الصراع الناشب بين أخويكم أن تعيدوا تفعيل النقطتين السابقتين، تأصيل المحبة بين الأخوة وأن هذا من الدين، وفهم طبيعة الخلاف وتعميق طريقة إدارته مع الدعاء لهم بالهداية والصلاح.

نسأل الله أن يوفقكم وأن يسعدكم، والله المستعان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً