الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف تفعل من تريد نسيان من لم تستطع الزواج منه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ترددت كثيراً قبل طرح مشكلتي، وذلك خوفاً من عدم قدرتي على التعبير، ولكني أخيراً قررت الكتابة، طامعة بكرمكم وسعة صدروكم، ولأن مشكلتي تتفاقم.

باختصار: منذ حوالي العامين وأنا أحب زميلي في العمل، ويشهد الله أنه لم يحدث بيننا أي كلام في أي موضوع، وكانت العلاقة مجرد سلام عابر في بعض الأحيان لا أكثر، وهو الذي يبدأ بذلك دوماً، والحمد لله لم أفعل أي شيء يغضب الله تعالى معه، أو مع غيره لا قولاً، ولا فعلاً، وكتمت مشاعري، ولم ألمح له بأي شكل، وحافظت على عفافي وكبريائي، وعلى رضا الله عز وجل، وهو الأغلى لدي.

خلال كل هذه الفترة تأكدت تماماً أنه يبادلني المشاعر، وكان يتصرف مثلي بالضبط، ولم يؤذني في يوم من الأيام بنظرة، فهو على مستوى عال من التدين والأخلاق والعلم والثقافة، وأن ظروفه العائلية وخاصة المادية هي التي تمنعه من مصارحتي، كي لا يقف في طريقي ويعدني بأشياء لا يقدر عليها، ودوما كنت أدعو الله أن يحل لي هذه المشكلة بالشكل المناسب، ومن ضمنها أن يبعده عني كي لا أراه وأنساه، وفعلاً استجاب الله تعالى لدعائي، وانتقل لمكان آخر، ومن يومها وأنا لا أستطيع نسيانه أبداً، وصورته دائماً أمامي.

أنا الآن ملتزمة في المسجد، وبدأت بحفظ القرآن الكريم وتعلم التجويد، وأحاول دوماً شغل وقتي بالتعلم، أو العمل، أو المشي، ولكن الغريب أنني أذكره كلما باشرت بعمل شيء لمنع نفسي من تذكره، أنا أعلم أن كل ذلك اختبار من الله تعالى، وأننا لن نحصل إلا على ما كتبه الله لنا، وأن التوكل على الله والاستغفار وتعزيز الصلة بالله هي الأساس، وأن الزواج التقليدي عن طريق الأهل هو الأنجح والأفضل؛ لأنه اختيار الله سبحانه لنا.

وما يزيد ألمي هو ضعفي وعدم قدرتي على التغلب على مشاعري، لماذا أنا ضعيفة؟ وكيف أنني أنا من يضرب المثل بحكمتها وواقعيتها أهزم أمام مشاعري؟ أشعر بالخجل والتفاهة، فكيف يلجأ لي الأهل والأصدقاء لحل مشاكلهم وأنا أقف عاجزة أمام مشكلتي منذ سنوات؟ وإن كان الحل في الزواج فللأسف يتقدم لي الكثير لكنهم غير مناسبين إطلاقاً،ً ولا يمكنني القبول بأي أحد وتدمير حياتي.

وفكرت في الطلب من مدرستي في المسجد أن تجد لي الزوج المناسب الذي تثق بخلقه ودينه، لكن أجد ذلك مستحيلا ومحرجا جداً، كما أنه من المستحيل طلب ذلك من والدتي، لأنها سترفض حتما، حتى أنني لا أجرؤ على طلب ذلك منها، اعذروني للإطالة، إلا أنني لا أجد غيركم أشرح له مشكلتي.

ويمكن تلخيص ما أعانيه في أنني عندما كنت أحلم بالزوج الذي أتمناه كنت أعتقد أنه غير موجود في الحقيقة، وأنني أخيراً سأرتبط برجل لا يمت له بصلة، ولكن عندما قابلت زميلي هذا؛ أحسست بشعور غريب لم أعرفه من قبل، وكأنني أعرفه منذ زمن، وبدأت أسأل نفسي لماذا لفت نظري؟ ومن يكون؟ وعندها صدقوني لم أكن أعرف عنه شيئاً، ولا حتى اسمه؛ لأفاجأ بعدما عرفت كل شيء عنه أنني أمام الرجل الذي طالما حلمت به، فهو يملك كل ما أريد وأكثر، ولا أبالغ إن قلت أنني خلال دراستي وعملي -وعمري الآن 25 سنة- لم أقابل أحداً غيره يستحق الحب والثقة والاحترام، فماذا أفعل كي أنساه رغم أنني جربت كل الطرق؟ كما أنني لا أستطيع مطلقاً توسيط أحد بيننا، لأنني أساساً لا أعلم ظروفه حالياً، ولا يمكنني طلب ذلك من أحد، لما سيسببه لي ذلك من مشاكل.

ساعدوني أرجوكم، فما أصعب أن نجد أحلامنا تضيع منا، دون أن نستطيع عمل شيء.

وجزاكم الله كل خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Israa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فشكراً لكل فتاة حافظت على عفافها، وجعلت رضا ربها أغلى وأعلى، ومرحباً بك بين آبائك والإخوان، ولا داعي للتردد في الكتابة إلينا، فنحن في خدمة أبنائنا وبناتنا، ونتمنى لهم السعادة والنجاحات، ولا شك أن البعد علاج نافع ودواء ناجع لمن تعلقت بشاب لا تدري ما هي ظروفه الشخصية والعائلية، ولا تملك أن تعلن لأهلها رغبتها، وقد لا يوافقون.

وقد أسعدني حرصك على الاشتغال بتلاوة الكتاب ودراسة التجويد والآداب، وسوف يزول ما في نفسك بفضل الواحد التواب، فاشغلي نفسك بالخير والصواب، وتجنبي الوحدة وكوني على الصواب، واعلمي أن وجودك في المسجد؛ سوف يعجل لك بمجيء الرجل الصالح، فما من دارسة، أو مدرسة إلا ولها أخ، أو ابن يبحث عن الزوجة الصالحة، ولن يضيع الله فتاة تقرأ القرآن، وتصلي للرحمن، ولا مانع من طلب المساعدة من الصديقات والعمات والخالات، ولا عيب في الرغبة في الحلال.

وأرجو أن تحسني الظن بالشباب، فإن الصالحين كثر ولله الحمد، وأنتِ لم تعرفي في حال ذلك الشاب إلا ما ظهر، ولا أظن به إلا الخير، ولكننا لا نوافق على مجرد الحكم على المظهر، دون معرفة الأسرة التي خرج منها، والبيئة التي نشأ فيها، وعليك باللجوء إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، ونتمنى أن تكوني أكثر واقعية في طلبك لمواصفات شريك العمر، فلن تجدي رجلاً بلا عيوب؛ كما أنك غير خالية ككل الإنسان من النقائص.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً