الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من رجل يشرب الخمر لكنه وعد بتركه

السؤال

تمت خطبتي من رجل يكبرني بعشر سنوات، فرفض أهلي دون استشارتي؛ كونه يشرب الخمر ولا يصلي، ولكنه ألح في طلبه معرباً عن حسن نيته، واستعداده التام للتخلي عن المعاصي، وقال لي: ادعو لي بالهداية، فإذا كان باب الله مفتوحاً للتوبة فلماذا تغلقونه دوني؟ لقد اقتنعت بحسن سريرته وصدق نواياه، غير أن موقف عائلتي قد حيرني!

فمن فضلكم أشيروا عليّ بما يرضي الله ورسوله.

ولكم الثواب والأجر عن ذلك.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمينة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فاجعلي مهرك الالتزام، واطلبي منه العودة أولاً إلى طاعة من لا يغفل ولا ينام، ثم التقدم لخطبتك، وعندها سوف يجد القبول والاحترام، واعلمي أن القوامة ستكون بيده في مستقبل الأيام، ولا سلطان لك عليه، والخمر هي أم الخبائث، وترك الصلاة وقوعٌ في أكبر الخطايا بعد الإشراك بالله، فـ(العهد الذي يبننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، والصلاة دواء وعلاج، فهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهل ينتظر من المريض الذي يرفض الدواء شفاء؟!

وقد أسعدني حرصك على الخير، وقد صدقت فإن باب التوبة مفتوح، لكن التسويف في أمر التوبة موجود، وأرجو أن تقولي له بوضوح: سوف أقبل بك ويرضاك أهلي إذا تركت الخمر وواظبت على الصلاة، وأظهرت توبتك، وأرجو أن يعلم أنه لن يستطيع إنسان أن يحول بينه وبين التوبة، فرحمة الله واسعة، ولكن الله يكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة، قال تعالى: ((وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)) [الأعراف:157].

وأخبر سبحانه أن رحمته قريبٌ من المحسنين، وأرجو أن يعبر عن صدق نواياه بخطوات عملية، فإن الكلام سهل، وكل من يعيش في ظلمات المعاصي يتمنى الهداية؛ لأنه في ضنك وشقاء، بل إنه لا يستمتع بمعصيته، كما قال ابن القيم: (إلا كما يستمتع الجَرِب بحك الجَرَب) فتجده يتألم ودمه يسيل، لكنه يشعر بمتعة كاذبة تعقبها آلام قاسية.

ونحن نشكر لأهلك حرصهم على مصلحتك، وأرجو أن تلتمسي لهم العذر، فإنهم يريدون لك الخير والاستقرار والمصلحة، ولكننا نلومهم على رفض الرجل دون أخذ رأيك في الموضوع وأنت صاحبة المصلحة الأولى.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله وسوف يأتيك ما قدره لك الله، فلا تقبلي إلا بمن يطيع الله، فإن العصاة لا يؤتمنون على عرض أو شرف، وكيف لا نخاف ممن عصى الخالق الرازق المحي المميت؟! فأشغلي نفسك بذكر الله، وبالدعاء لذلك الشاب، ونحن بدورنا نسأل الله أن يأخذ بيده، وأن يرده إلى صوابه، وأن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به، ومرحباً بك مجدداً، وشكراً لحرصك على هدايته، وزادك الله حرصاً وتوفيقاً.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً