الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

معيشة الغني والفقير وتجنب الإسراف

السؤال

طبقات المجتمع ثلاث فقراء وهي الدنيا ومساكين وهي الوسطى وأغنياء وهي العليا فما الواجب على من كان من الطبقة العليا هل يعيش في أماكن طبقة غير طبقته وإن كان يعيش مع طبقة غير طبقته هل يلبس مثل ما يلبسون وغيره مما هو خاص بهذه الطبقة أو أنه يعيش بينهم ويلبس كما يشاء ويفعل ما يشاء مما هو من معيشة الأغنياء ولله الحمد على نعمته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن ننبهك إلى أن كل طبقة يجعل الله فيها أحداً من خلقه سواء كانت هي العليا أو الدنيا أو وسطى بين ذلك إنما هي للابتلاء والاختبار، وعلى المرء أن يتقي الله كيفما كان حاله من فقر أو غنى، يقول أحمد بن نصر الداودي: الفقر والغنى محنتان من الله يختبر بهما عباده في الشكر والصبر كما قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا. وقال تعالى: وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان: يستعيذ من شر فتنة الفقر ومن شر فتنة الغنى.

وعليه فالواجب على من كان في الطبقة العليا هو أن يؤدي الحقوق الواجبة على تلك الطبقة، من إخراج زكاة وحج، وتيسير على المعسرين ومواساتهم، ويستحب له إنفاق فضول ماله في وجوه البر والخير الكثيرة، وفيما يخص الكيفية التي ينبغي أن يكون عليها في الإنفاق سواء كان مع مثله أو مع من دونه فهي حالة الاعتدال والوسطية، وقد أوضح الله تعالى في كتابه الكريم ذلك، فقال مادحاً عباده المؤمنين واصفاً لهم: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا {الفرقان:67}.

قال ابن كثير رحمه الله: أي ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم فلا يكفونهم، بل عدلاً خياراً وخير الأمور أوسطها.

والإسراف كما قال العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات التي تضر بالجسم، وإما أن يكون بزيادة الترفه والتأنق في المأكل والمشارب واللباس، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.

فلا يجوز للمرء أن يسرف أينما كان محل عيشه وكيفما كان غناه، بل يحسن بالغني أن يتقلل من فضول الملبس والمسكن والمطعم وغير ذلك تواضعاً لله تعالى أينما كان سواء كان مع الأغنياء أم الفقراء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني