الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أمية النبي صلى الله عليه وسلم.. رؤية شرعية

السؤال

يقول النصارى إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن أمياً (أي لا يقرأ ويكتب) ويستدلون على ذلك بالحديث الذي أخرجه البخاري (كتاب المغازي) في "عمرة القضاء" وفيه أن الرسول عليه الصلاة والسلام كتب فيه وفي الحديث: فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكِتَابَ، فَكَتَبَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبد الله. ويقولون إن الأمية مقصود بها الجهل وليست القراءة والكتابة، فما هو الجواب على هذا؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد كذب النصارى فيما أخبروا به عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقصة قد أوردها البخاري وغيره من حديث البراء رضي الله عنه وفيها: ... كتبوا هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا: لا نقر لك بهذا، لو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئاً، ولكن أنت محمد بن عبد الله، فقال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله، ثم قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: امح رسول الله، قال علي: لا والله لا أمحوك أبداً، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله... الحديث.

فالحديث قد صرح بأنه صلى الله عليه وسلم ليس يحسن يكتب، وجاء في بعض طرقه، كما ورد في فتح الباري: ... فقال لعلي: امح رسول الله، فقال: لا والله لا أمحوه أبداً، قال: فأرنيه، فأراه إياه فمحا النبي صلى الله عليه وسلم بيده... فأي شيء أصرح من هذا في أنه صلى الله عليه وسلم لا يقرأ ولا يكتب، وكل ما في الأمر هو أنه صلى الله عليه وسلم هو الآمر الناهي، وبالتالي فنسبة الكتابة إليه إنما هي على سبيل المجاز، لأنه لا شيء يُكتب أو يمحى إلا بأمره وإذنه، هذا الذي ذكرناه هو الذي عليه جمهور أهل العلم.

وقال البعض: إن الأمية زالت عنه، واستدلوا بأدلة، منها: التغيير الذي وقع في صحيفة صلح الحديبية، ومنها: أنه قرأ صحيفة لعيينة بن حصن وأخبر بمعناها، وثالثها: أنه قال عن المسيح الدجال (مكتوب بين عينيه كافر)، ورد القائلون باستمرار أميته على الدليل الأول بأن كونه صلى الله عليه وسلم كتب بعض كلمات لا يمحو عنه وصف الأمية، فكثير من الأميين اليوم يكتبون أسماءهم ويوقعون بها ومع ذلك لا يستطيعون أن يقرؤوا ما وقعوا عليه، فهم ما يزالون على الرغم من ذلك أميين. وردوا على الدليل الثاني بأن الحديث غير صحيح، فلا يعارض الصحيح القوي من النصوص، كما ردوا على الدليل الثالث بأن معرفته لبعض الحروف لا تمحو عنه وصف الأمية، ويمكن مراجعة المزيد عن هذا في فتح الباري (7/503)، وفي النووي على صحيح مسلم (12/137).

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني