الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما المراد بمفهوم العدد ؟ والقاعدة " بأن العدد لا مفهوم له"

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالجواب عن هذا السؤال يتطلب التعريف بمفهوم المخالفة؛ لأن مفهوم العدد فرع من فروعه.

ومفهوم المخالفة هو إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكوت عنه. وهو حجة عند المالكية والشافعية والحنابلة، وخالف الحنفية في حجيته.

وهو عشرة أنواع:

مفهوم العلة: نحو: ما أسكر فهو حرام. فمنطوق هذا اللفظ تحريم المسكر، ومفهومه تحليل غير المسكر.

ومفهوم الصفة: نحو: في سائمة الغنم الزكاة.

ومفهوم الشرط، نحو: من تطهر صحت صلاته.

ومفهوم الاستثناء: نحو: قام القوم إلا زيدا.

ومفهوم الغاية: نحو: أتموا الصيام إلى الليل.

ومفهوم الحصر: نحو: إنما الولاء لمن أعتق.

ومفهوم الزمان: نحو: قم الليل.

ومفهوم المكان: نحو: وأنتم عاكفون في المساجد.

ومفهوم العدد: نحو: فاجلدوهم ثمانين جلدة.

ومفهوم اللقب: وهو تعليق الحكم على مجرد أسماء الذوات، نحو: في الغنم الزكاة.

وقد لخصها صاحب مراقي السعود في قوله:

وهو ظرف علة وعـــدد * ومنه شرط غاية تعتمــد

فالحصر فالصفة مثل ما علم * من غنم سامت وسائم الغنم

إلى قوله:

أضعفها اللقب وهو ما أبـي * من دونه نظم الكلام العربي

فالمراد -إذاً- بمفهوم العدد أن يعلق الحكم بعدد مخصوص.

وقد جاء في شرح الكوكب المنير: (والخامس) من أقسام مفهوم المخالفة "العدد" وهو تعليق الحكم بعدد مخصوص (كـ) نحو قوله تعالى: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً {لنور: 4} وبه قال أحمد ومالك وداود, رضي الله تعالى عنهم وبعض الشافعية. قال سليم منهم: وهو دليلنا في نصاب الزكاة, والتحريم بخمس رضعات. ونقله أبو حامد وأبو المعالي والماوردي عن نص الشافعي, قال ابن الرفعة: القول بمفهوم العدد هو العمدة عندنا في تنقيص الحجارة في الاستنجاء من الثلاثة, ونفاه الحنفية والمعتزلة والأشعرية. والقول به أصح; لئلا يعرى التحديد به عن فائدة... اهـ

فتبين من هذا أن العدد له مفهوم عند جمهور أهل العلم.

مع العلم بأن العدد قد يأتي ولا مفهوم له، كما إذا جاء للمبالغة ونحوها، كما في قول الله تعالى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ {التوبة:80}

هذا؛ وننبه إلى أن المالكية لم يعتبروا مفهوم الصفة في حديث "في سائمة الغنم الزكاة"فأوجبوها في المعلوفة أيضا لاعتقادهم أن الصفة هنا لم تسق ليعتبر مفهومها، فلما كان الغالب على الغنم وصف السوم خرج الكلام على ما هو غالب، ونظير ذلك عند: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ {النساء:23}

فمن المعلوم تحريم الربيبة ولو لم تكن في الحجر.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني