الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جمع الدائن الزكاة للمدين ليقتضي منه دينه

السؤال

هل يجوز جمع زكاة الفطر لرجل عليه دين لبعض الناس والذي يجمع له الزكاة هو أحد الذين يطالبونه به يحيث يقف الرجل ويقوم بجمع الزكاة في المسجد ولا يعلم الناس الذين تجمع منهم بأن الذي يطلبها للغارم سوف يأخذها هو إلا بعد جمعها علماً بأن الغارم مدخن؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

الذي عليه أكثر الفقهاء أن زكاة الفطر مثل زكاة الأموال في كون مصارفها هم الأصناف الثمانية المذكورون في آية التوبة، ومن هؤلاء الغارم وهو المدين بسبب مباح، ولا مانع من أن تدفع صدقة الفطر لشخص يوصلها لمستحقها بصفتها أمانة عنده ولو كان له دين عليه، لكن لا بد من إيصالها إلى مستحقها لأنها أمانة إلا إذا علم صاحب الزكاة أن على الفقير دينا للشخص الذي يجمع له الزكاة وأراد أن يدفعها قضاء عن دين الفقير فلا مانع من ذلك عند بعض الفقهاء، ثم إن كون الفقير مدخنا ليس مانعا من استحقاق الزكاة مادام مسلما محتاجا، مع أن التدخين محرم ومضر كما صرح بذلك العلماء والأطباء.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن جمهور الفقهاء على أن زكاة الفطر مثل زكاة الأموال في أن مستحقيها هم الأصناف الثمانية الذين تصرف لهم الزكاة، وشرعت زكاة الفطر لسد حاجة الفقير يوم الفطر، ولا يطالب أحد بجمعها للفقراء، لكن الظاهر أنه لا مانع من أن يتولى شخص جمعها لآخر محتاج ولو كان يطلب عليه دينا بشرط أن يكون من يجمعها ثقة أمينا ويقوم بتسليمها لمن جمعها له لأنها أمانة، والأمانة يجب أداؤها، إلا إذا علم صاحب الزكاة أن على الفقير دينا للشخص الذي يجمع له الزكاة وأراد أن يدفعها قضاء عن دين الفقير فلا مانع من ذلك كما صرح بذلك فقهاء الحنابلة، أما أن يأخذها الشخص المؤتمن عليها قبل أن يسلمها للفقير من غير أن يدفعها له المزكي قضاء عن الغارم فإن ذلك غير جائز، وقيل لا تدفع للغريم إلا بتوكيل من الغارم، وعلى هذا القول لا يجوز دفعها للغارم إذا لم يكن عنده توكيل من الفقير إلا بصفتها أمانة يجب تسليمها لصاحبها، ثم إن كون الفقير مدخنا ليس مانعا من دفع الزكاة إليه ما دام مسلما محتاجا، مع أن التدخين محرم ومضر بالصحة كما قال العلماء والأطباء.

قال ابن قدامة في المغني: يعطي صدقة الفطر لمن يجوز أن يعطى صدقة الأموال، إنما كانت كذلك لأن صدقة الفطر زكاة فان مصرفها مصرف سائر الزكوات ولأنها صدقة فتدخل في عموم قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ الآية انتهى.

وقال أيضا: وإذا أراد الرجل دفع زكاته إلى الغارم فله أن يسلمها إليه ليدفعها إلى غريمه، وإن أحب أن يدفعها إلى غريمه قضاء عن دينه فعن أحمد فيه روايتان:

إحداهما: يجوز ذلك, نقل أبو الحارث قال: قلت لأحمد: رجل عليه ألف وكان على رجل زكاة ماله ألف فأداها عن هذا الذي عليه الدين يجوز هذا من زكاته قال: نعم، ما أرى بذلك بأسا، وذلك لأنه دفع الزكاة في قضاء دينه فأشبه ما لو دفعها إليه يقضي بها دينه، والثانية لا يجوز دفعها إلى الغريم. قال أحمد: أحب إلي أن يدفعه إليه حتى يقضي هو عن نفسه قيل: هو محتاج يخاف أن يدفعه إليه فيأكله ولا يقضي دينه. قال: فقل له يوكله حتى يقضيه، فظاهر هذا أنه لا يدفع الزكاة إلى الغريم إلا بوكالة الغارم لأن الدين إنما هو على الغارم فلا يصح قضاؤه إلا بتوكيله. ويحتمل أن يحمل هذا على الاستحباب، ويكون قضاؤه عنه جائزا. انتهى.

وقال أيضا: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني