الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

عندي مشكلة اسأل الله أن يلهمكم الصواب في فتواها أكرمني الله بفتح مشروع تجارة بيع أجهزة وقطع غيار الحاسبات وبدأت بمبلغ صغير من المال ولكن بفضل الله كنت أفضل من شركات أخرى كانت تتفوق علي بأضعاف أضعاف رأس مالي وكنت محتاجا لمبلغ من المال كي استطيع أن أنافس وأتميز في السوق وكان لي أخوان أكبر منى سنا تاجران كبيران أنعم الله عليهما بكثرة المال فلما وجدا تجارتي تنمو عرضا علي مبلغا من المال ليس كبيرا بالنسبة للمشروع بل كان صغيرا جدا لا يكفى شىء25000 ألف جنيه مصري ما يساوى (4200 دولار ) واشترطا علي عدة شروط لكي يعطياني هذا المبلغ استغلالا لحاجتي أولا: أن يصبحا شريكين لي في تجارتي بهذا المبلغ الصغير رغم غناهما وعدم حاجتهم ثانيا: وبناءا على نظرتهم التجارية ولعلمهما بأمانتي وصدقي وأخلاصى و اجتهادي في أي عمل اشترطا أنني إذا أكرمني الله وكبرت هذه التجارة ونجحت ألا أنفك عن هذه الشركة وأن تصبح شركتهم لي في تجارتي شركة أبدية مدى الحياة لا يجوز لي أن أنفض عنها ونتيجة لحاجتي إلى هذا المبلغ وافقت وبفضل الله عليا وببركة الدعاء ثم الأمانة والصدق مع الموردين والعملاء على السواء فكنت محل ثقة بالنسبة للموردين الذين أولوني ثقتهم وأصبحوا يعطونني أي كمية بضاعة أريدها مهما بلغ الثمن على أن ادفع لهم بعد بيع البضاعة أو لأجل متفق عليه ولم يكن ذلك بفضل المبلغ البسيط الذي أعطاه لي اخواي أثناء عقد الشركة بيني وبينهم ولكن كان أولا وأخيرا بفضل الله ثم سمعتنا الطيبة وواصلت الليل بالنهار واجتهدت كثيرا ورافقني في اجتهادي زوجتي وأولادي مما دفعا بأخواي أن يستثمرا مبالغ كثيرة من المال زعما أن هذه الأموال لأناس يريدون أن يستثمروها واشترطا علي أيضا أن يأخذا مقابل الأموال المستثمرة لهما على نصف مكسب الشركة فأصبحا يحصلان على نصف مكسب الشركة مقابل هذه الأموال وباقي النصف الآخر من أرباح الشركة يتقسموها معي مناصفتا فأصبحا يأخذا أرباحا على هذه الأموال ثم يقتسمان معي ما تبقى من أرباح تجارتي بل كانا يشترطان أن يأخذا على الأموال المستثمرة نصف الربح دون أن يخصم منه أى تكاليف أو مصروفات كمرتبات ومواصلات وإيجارات والباقي من أرباح الشركة يصبح مبلغا صغيرا يتقسموه معي مما جعل ما أحصل عليه من الأرباح لا يكفيني معيشتي أنا وأسرتي ولكن مرت بي ظروف نتيجة لنصب بعض الناس من العملاء وخيانة أحد العاملين بشركتي وكنت قد أوليته ثقتي فخانني وقام بنشر شائعات عن الشركة بأنها مقدمة على الإفلاس فتعثرت في تجارتي وتأخرت في سداد مستحقات الموردين ففكرت في بعض الحلول وكان منها أنى قمت بنقل مقر شركتي إلى مكان آخر يعتبر أفضل مكان في مدينتي حتى يكون ذلك تكذيبا للإشاعات وبحثا عن عملاء جدد مما كلفني ذلك بعض الأموال فطلبت من أخوتي أن يقفوا بجانبي في هذه المحنة بصفتهم إخوة لي ولأنهم أيضا شركاء لي ولكن بدلا من أن يساعدانني طلبا منى سحب جميع أموالهم المستثمرة في وقت كنت احتاج فيه لكل مبلغ وألححت عليهم بان ينتظروا إلا أنهم أصروا وسحبوا كل أموالهم عدا المبلغ البسيط الذي به يشاركونني في شركتي وقد أخذا يوبخانني ويقولان لي أنت السبب فقد نقلت مقر الشركة وهذا خطأ ونقل الشركة من مكان لآخر كان سببا لأنه كلفك مبلغ من المال ونحن نعترض على هذه الفكرة وأخذت اقنع فيهما دون جدوى وتركاني في حيرتي وحدي ولكنني لم أيأس بل استعنت بالله وكنت أدعوه ليلا ونهارا فهو سبحانه يجيب دعوة المضطر ويجيب السائلين فوجدت أحد الموردين يقف بجانبي ويمدني بكل أصناف البضاعة وتم جدولة ديون باقي الموردين وكان للمكان الجديد بفضل الله سبحانه أثر عظيم فقد جعله الله فتحة خير لي فقد عادت ثقة العملاء والموردين في الشركة وأكرمنا الله سبحانه بعملاء جدد كثير وعادت الشركة مرة أخرى إلى وضع أفضل بكثير من الأول ومرت بعد ذلك سنة كبر اسم الشركة فيها وأصبح لها اسم في كل مكان على الرغم من قلة المكاسب المادية وكثرة المصروفات في العمالة وغيرها ولأننا نفضل المكسب القليل لكسب المزيد من العملاء إلا أن إرباح الشركة السنوية تكفى فقط لمصروفي على بيتي وأولادي وزوجتي فإذا قسمت الأرباح بيني وبين أخواي لم يكفى ما تبقى لمعيشتي وأسرتي ففكرت في أن أنهى علاقة الشركة بيني وبين أخواي إلا أنني أخاف أن أرتكب بذلك ذنبا فهل يجوز لي أن أنهى علاقة الشراكة بيني وبينهما ؟ ثانيا: العقار الذي فيه الشركة الآن قرر أصحاب هذا العقار هدمه لبناء برج كبير وعرضوا عليا مبلغا كبيرا من المال مقابل أن اتركه فهل لأخواي بعد كل ما حدث حق في هذا المال ؟ أرجو الإجابة وجزاكم الله خير الجزاء

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي هنا أن نوضح بعض أحكام الشركات وإذا تبين له هذه الأحكام عرف جواب ما يسأل عنه فأولا: الشركة عقد مبناها على عدم اللزوم في قول جمهور أهل العلم ومن ذهب منهم إلى لزومه جعلوا له غاية وهو أن ينض رأس مال الشركة أي يصير نقدا أو ينتهي العمل الذي قامت عليه الشركة، ومعنى عدم لزوم عقد الشركة أن للشريك أن يفسخ عقد الشركة في أي وقت رضي الآخر أم أبى، وعليه، فلك أن تفسخ الشراكة مع أخويك في أي وقت تشاء.

ثانيا: الربح في الشركة يكون حسب الاتفاق وإن اختلف نصيب كل واحد من الشركاء في قدر رأس المال، وعليه، فلا مانع أن يشترط عليك أخواك نصف الربح وإن كان نصيبهما في رأس مال الشركة أقل من النصف، كما لا مانع أن تقوما بالاتفاق مع آخرين يأخذان سهم أموال ليضاربا بها عندك مقابل نسبة شائعة من الربح حسبما تتفق معهما عليه.

ثالثا: لا يظهر الربح إلا بعد خصم نفقات ومصاريف الشركة كأجور عمال ومباني وهاتف ونحو ذلك، ثم ما زاد على رأس المال كان ربحا يقسمه الشركاء حسب الاتفاق.

جاء في الفتاوى الهندية:

فله أي الشريك ان ينفق من جملة المال على نفسه في كرائه ونفقته من رأس المال.. فإن ربح تحسب النفقة من الربح وإن لم يربح كانت النفقة من رأس المال. اهـ

وعليه فمن حقك أن تخصم مصاريف ونفقات الشركة قبل قسمة الأرباح.

رابعا: بالنسبة لبدل الخلو فإنه يجوز أخذه في حال دون حال، فإذا كان المستأجر للعقار ما يزال في مدة العقد وأراد المالك إخراجه فإن له أن يأخذ مقابل هذا عوضا وهو المسمى بدل خلو، أما إذا انتهت مدة عقد الإجارة وأراد المالك أن يهدم عقاره أو يؤجره لآخر أو يستغله هو لنفسه فعلى المستأجر تسليم العقار ولا حق له في بدل الخلو ، وفي حال جواز أخذ بدل الخلو فإن كان العقار مؤجرا من مال الشركة بما فيه مال الأخوين بأن يكون الأخوان شريكين للسائل في المكتب والمعدات المستعملة لإنجاز المهام، فإن لهما الحق في نصيبهما في بدل الخلو، أما إن كان مؤجرا من مال السائل فقط فإن هذا من حقه هو دونهما.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني