الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من نذر أن يسجد سجدة شكر كل يوم

السؤال

نذرت أني كل يوم أسجد لله سجدة شكر لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يعمل هذا السجود كل يوم فماذا علي أن أفعل، وهل علي إثم في هذا.. مع العلم بأني لم أكن أعرف أن النذر مكروه؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فإن سجود الشكر مختلف في مشروعيته بين الفقهاء؛ فمنهم من يرى أنه مستحب عند تجدد النعم واندفاع النقم، ولكن لا يشرع إلا عند موجبه، ومنهم من يرى أنه مكروه، والذي يتبين من مجمل كلامهم في هذا الأمر أنه ليس على الأخت السائلة أن تسجد كل يوم سجدة، لكن إذا تجددت لها نعمة أو اندفعت عنها نقمة لزمها سجود الشكر بناء على القول باستحبابه عند حدوث موجبه، أما على قول المالكية فلا يجب عليها شيء على كل حال.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن سجود الشكر مختلف في مشروعيته بين الفقهاء؛ فمنهم من يرى أنه مستحب عند تجدد النعم أو اندفاع النقم وهذا مذهب الشافعية والحنابلة، وعلى هذا القول فهو طاعة يجب الوفاء بنذرها، ويرى المالكية أنه غير مشروع وعلى قولهم لا يجب الوفاء بنذره، بل ذكروا أن الوفاء بالنذر المكروه مكروه، ثم إن القائلين باستحباب سجود الشكر نصوا على أنه لا يشرع إلا عند وجود سببه وهو تجدد نعمة أو اندفاع نقمة ولا يشرع لاستمرار النعم، لأنها لا تنقطع.

قال النووي في المجموع في الفقه الشافعي: قال الشافعي والأصحاب: سجود الشكر سنة عند تجدد نعمة ظاهرة واندفاع نقمة ظاهرة، سواء خصته النعمة والنقمة أوعمت المسلمين... ولا يشرع السجود لاستمرار النعم، لأنها لا تنقطع. انتهى.

وقال ابن قدامة في المغني وهو حنبلي: ويستحب سجود الشكر عند تجدد النعم، واندفاع النقم، وبه قال الشافعي، وإسحاق، وأبو ثور، وابن المنذر، وقال النخعي، ومالك، وأبو حنيفة: يكره لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في أيامه الفتوح، واستسقى فسقي، ولم ينقل أنه سجد، ولو كان مستحباً لم يخل به، ولنا ما روى ابن المنذر، بإسناده عن أبي بكرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به خر ساجداً. رواه أبو داود. انتهى.

وفي مختصر خليل في الفقه المالكي: وكره سجود شكر أو زلزلة. انتهى.

وفي مواهب الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: النذر ينقسم على أربعة أقسام نذر في طاعة الله يلزم الوفاء به، ونذر في معصية يحرم الوفاء به، ونذر في مكروه يكره الوفاء به، ونذر في مباح يباح الوفاء به. انتهى.

ومن خلال ما تقدم يتبين أن سجود الشكر مكروه في المذهب المالكي ويكره نذره والوفاء به، وعند الشافعية والحنابلة مستحب عند وجود موجبه من تجدد النعم أو اندفاع النقم، ويجب الوفاء به إذا نذر لأنه طاعة، فإن لم يوجد له موجب فلا يشرع أصلاً، وبالتالي فلا يشرع نذره، وعلى هذا فلا يلزم الأخت السائلة أن تسجد كل يوم سجدة للشكر، لكن إذا تجددت لها نعمة أو اندفعت عنها نقمة لزمها سجود الشكر بسبب النذر بناء على القول باستحبابه عند حدوث موجبه، أما على قول المالكية فلا يلزمها شيء على كل حال.

وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39996، 22037، 98197.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني