الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حلف على غيره أن يفعل معصية أو يترك واجبا

السؤال

حلفت أمي إن ماتت ألا يمشي إخوانها في دفنها فما الحكم؟ وإذا تصالحت معهم ولم ترجع عن يمينها أو تكفر عنه فما الحكم؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

لا ينبغي لأمك أن تحلف على إخوانها ألا يحضروا جنازتها إذا هي ماتت لما في ذلك من القطيعة، وعليها أن تكفر عن تلك اليمين، وليس على إخوانها إبرار قسمها إذا لم تكفر عنها لأن مقتضى يمينها إما أن يكون حراما، وإما أن يكون مكروها، فإن ماتت ولم تكفر وحضروا جنازتها لم يحصل حنث لأن الحالف وقت الحنث ليس من أهل التكليف.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا ينبغي لأمك أن تحلف على إخوانها ألا يحضروا جنازتها إذا ماتت لما في ذلك من قطيعة الرحم وترك اتباع جنازة المسلم، وعليها أن تكفر عن يمينها امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل. رواه مسلم.

وليس عليهم إبرار قسمها إذا هي ماتت لأن في إبرار قسمها قطيعة.

قال الشوكاني في نيل الأوطار عند شرح حديث البراء الثابت في الصحيحين الذي فيه الأمر بإبرار المقسم: وإبرار المقسم ظاهر الأمر الوجوب، واقترانه ببعض ما هو متفق على عدم وجوبه كإفشاء السلام قرينة صارفة عن الوجوب، وعدم إبراره صلى الله عليه وسلم لقسم أبي بكر وإن كان خلاف الأحسن؛ لكنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان عدم الوجوب.اهـ.

وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: فمن حلف على غيره أن يفعل واجبا أو يترك معصية وجب إبراره، لأن الإبرار في هذه الحالة إنما هو قيام بما أوجبه الله، أو انتهاء عما حرمه الله عليه. ومن حلف على غيره أن يفعل معصية أو يترك واجبا لم يجز إبراره، بل يجب تحنيثه لحديث: لا طاعة لأحد في معصية الله تبارك وتعالى. ومن حلف على غيره أن يفعل مكروها أو يترك مندوبا فلا يبره، بل يحنثه ندبا، لأن طاعة الله مقدمة على طاعة المخلوق، ومن حلف على غيره أن يعفل مندوبا أو مباحا، أو يترك مكروها أو مباحا فهذا يطلب إبراره على سبيل الاستحباب، وهو المقصود بحديث الأمر بإبرار القسم الذي رواه الشيخان عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، وإبرار القسم، أو المقسم، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام. وظاهر الأمر الوجوب، لكن اقترانه بما هو متفق على عدم وجوبه -كإفشاء السلام- قرينة صارفة عن الوجوب.اهـ.

وإذا لم تكفر هذه المرأة عن يمينها ثم ماتت وحضر إخوتها جنازتها فلا تعتبر حانثة، ولا يجب إخراج الكفارة من مالها، لأن الحنث حصل بعد سقوط التكليف عنها بالموت.

قال ابن قدامة في المغني عند قول الخرقي: ولو حلف أن يضرب عبده في غد فمات الحالف من يومه فلا حنث، وإن مات العبد حنث، وأما إذا مات الحالف من يومه فلا حنث عليه لأن الحنث إنما يحصل بفوات المحلوف عليه في وقته وهو الغد، والحالف قد خرج عن أن يكون من أهل التكليف قبل الغد فلا يمكن حنثه.اهـ،.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني