الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيع الحلي بالنقد نسيئة.. رؤية شرعية

السؤال

لدى الوالد رحمة الله عليه محل ذهب، وطبعاً العمال في الذهب يتعاملون بالدين من ناحية تنزيل الذهب من الموزعين، والدين أكيد حرام طبعاً، في حياة الوالد لا أستطيع منع العمال من الدين بحكم أني لا أملك التصريح بمنعهم، وبعد وفاة الوالد الله يرحمه توزعت التركة للورثة، وبعض إخواني طلع من الذهب بحكم أنه مشبوه، ولكن له مصدر رزق، وأنا بقيت بحكم أنه ليس لدي مشروع غير الذهب، وليس لدي مصدر رزق غير الذهب، وأخاف أطلع من الذهب بحكم أن الدين في الذهب حرام، وأغامر في مشروع آخر وأخسر ما معي، وتسوء الأوضاع، وطبعاً كل ما أحرض العمال على عدم التنزيل من موزع الذهب بالدين، يردون علي بأن الذهب لا يشتغل إلا بالدين. فما نصيحتكم لي؟ وماذا أفعل؟ وهل عليّ شيء لو استمررت بالذهب وفي نفس الوقت أحاول أجد البديل، ومن بعدها أطلع من الذهب، وأبحث عن مشروع آخر؟
أرجو إفادتي وشكراً لكم.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

جمهور أهل العلم على أنه لا يباع الحلي بالنقد نسيئة، وذهب آخرون إلى جواز ذلك لخروج الحلي عن الثمنية بالصنعة، والأحوط الأخذ بقول الجمهور.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن بيع الذهب بالورق النقدي فيه تفصيل. فالذهب غير المصنوع لا يجوز بيعه بالنقد نسيئة؛ لحديث: الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل، ولا تبيعوا غائبا بناجز. متفق عليه.

والأوراق النقدية تأخذ حكم الذهب بجامع الثمنية.

وأما بيع الحلي – الذهب المصنوع – بالورق النقدي نسيئة. فجمهور العلماء على منعه أيضاً.

وذهب آخرون إلى جواز ذلك، لأن الصناعة أخرجت الذهب عن النقدية، وصارت سلعة تباع وتشترى بالعاجل والآجل.

يقول ابن القيم: الحلية المباحة صارت بالصنعة المباحة من جنس الثياب والسلع لا من جنس الأثمان، ولهذا لم تجب فيها الزكاة، فلا يجري الربا بينها وبين الأثمان كما لا يجري بين الأثمان وفي سائر السلع.

وذهب إلى ما قاله ابن القيم شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو منسوب إلى معاوية والحسن وإبراهيم والشعبي واختيار جماعة من الحنابلة، وقال في الإنصاف والمقنع إن عليه العمل.

جاء في الاختيارات لابن تيمية: ويجوز بيع المصوغ من الذهب والفضة بجنسه من غير اشتراط التماثل، ويجعل الزائد في مقابلة الصنعة سواء كان البيع حالا أو مؤجلا ما لم يقصد كونها ثمنا. انتهى.

وهذا واضح وصريح في جواز البيع بالآجل في الحلية لخروجها عن الثمنية.

وإذا عرفت اختلاف أهل العلم في بيع الحلي بالنقد نسيئة، فالأحوط عدم البيع بالآجل، وإذا كان السوق لا يمكنك من ذلك وأردت أن تغير تجارتك من بيع الذهب إلى تجارة أخرى، فهذا خير وأفضل.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني