الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حقوق المطلقة قبل دخول الزوج بها

السؤال

سؤالي هو أني قد تعرفت إلى فتاة منذ سبع سنوات إلى أن أكرمني الله وكتبت كتابي عليها قبل سنة ولكن يا شيخ ما فعلت ذلك إلا خوفا أن أكون ظلمتها إن لم أفعل، وسبحان الله مع العلم بأن دينها وأخلاقها لا تناسب بيئتي وأهلي يا شيخنا وخلال فترة خطبتي وما قبلها لم أكن مرتاحا وعانيت الكثير خلالها. لم يكن هنالك قبول من والدي على هذه الفتاة وأهلها ولكنهم استجابوا لرغبتي التي لم أكن أنا نفسي مقتنعا بها. واستمر الحال يا شيخ إلى أن أكرمني الله بالسفر إلى العمرة حيث دعوت وقتها أن يكتب الله لي الخير وأن يوفقني لم فيه صلاحي وصلاحها في الدنيا والآخرة. وما إن عدت يا شيخ وإذا سبحان الله تبدأ الأمور تتكشف أمامي وأحسست بأن هذه الفتاة من غير الممكن أن تكون الزوجة الصالحة والتي تحسن تربية أولادها. لقد تكشفت الأمور بشكل واضح عندما علمت بأنها غير مقتنعة وغير راضية بما قمت به من استئجار للبيت وعفش وغيرها من الترتيبات التي كلفتني الكثير يا شيخ وبدأت بمعايرتي وتكرار القول بأني ما قدمت إلا القليل القليل وأن حياتها ومستوى عيشها وأهلها أعلى مني ومن أهلي بكثير، مع العلم يا شيخ بأن هذا الكلام غير صحيح وإننا من نفس الطبقة الاجتماعية وبدأت وقتها بالحديث بشكل غير لائق عني وعن أهلي، الأمر الذي أوصلني لقناعة تامة بأنه يجب علي تركها، الأمر الذي أيدني به والداي لما لمساه من خطيبتي من سوء الخلق والجرأة ولاهتمامها هي وأهلها بشكل كبير بالمادة أعني النقود. عندها قمت بالاتصال بوالدتها وإخبارها بما قامت به ابنتها وإنني لست بحاجة إليها كما أنها ليست بحاجة لي على حد قولها وانتهى الأمر على ذلك. بعدها بعدة أيام قامت أمها وأخوها بزيارة أهلي للحديث عن الموضوع وتفاجأنا أنهم أتوا لزيادة المشاكل ومفاقمتها بدلا من الإصلاح، ساعتها علمت بأن خطيبتي قد قامت بإخبار والدتها عن كل ما كان يحدث بيننا بأني كنت أضربها وأشتمها وآخذ منها المال وغيرها الكثير. ولإحقاق الحق يا شيخنا فإني واستغفر الله العظيم لما فعلت قد قمت بضربها لسوء خلقها والله يا شيخ وكنت أضربها لكي تصلي لأنها لم تكن على ذلك ولغيرها من الأمور كمرافقة صديقات غير صالحات وغيره، وكان الضرب مصحوبا بالشتم أحيانا علما بأنها قد كانت في عديد من الأحيان ترد الشتم بالشتم. أما أخذي النقود منها فقد كان والله يا شيخنا برضاها وأحيانا إصرارها علي بأخذه لأن أوضاعي المادية كانت سيئة. بعدما غادرت أمها وأخوها بيتنا قبل أربعة أشهر تقريبا لم نسمع منهم أي خبر ولم يتم الاتصال معنا نهائيا للاستفسار عن مصير علاقتنا إلا قبل شهر تقريبا عندما استلمنا كتابا من المحكمة برفع دعوى نفقة علي من قبلها وما زال الأمر قائما. لم نقم نحن كذلك خلال هذه الفترة بأي اتصال مع الفتاه أو أهلها سواء من قبلي أو من قبل أهلي للحديث في الموضوع إبداء أو بإنهاء الأمر ببيننا لأنه ياشيخنا وبناء على ما تقدم ولما علمناه من هؤلاء الجماعة من حبهم للمال والمادة لم نقم بالاتصال ولم أقم بطليقها مع أني نويت وعقدت العزم عليه لعلمنا بأنهم سيقومون برفع دعوى طلاق تعسفي وحينها سأدفع من المال الكثير علما بأني خسرت من المال الكثير الكثير وهو مبلغ قمت بأخذ قرض ربوي لأجله يا شيخ علما بأنني مستعد لدفع المنصوص عليه شرعا لها وهو نصف المؤخر وغيره لأنه لم يتم الدخول بها. اعذرني للإطالة يا شيخ فما همي إلا لمعرفة الحكم الشرعي لما تقدم ولما اتخذناه من قرارات أنا وأهلي وهي وأهلها بناء على ما تقدم وأسألك بالله يا شيخنا أن توضح لي الأمر وهل ما قمت به جائز لأن كل همي هو رضا الله عني والذي في سبيله أبذل الغالي والنفيس. راجيا إياك يا شيخي بأن تتكرم بالرد علي بحكم الشرع في ذلك في أقرب وقت ولما تشير علي بفعله لنيل رضا الله؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

ينبغي طلاق هذه الزوجة حيث وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه، ولها نصف المهر، ما لم تحصل خلوة صحيحة، فإن حصلت فلها المهر كله، وعليها العدة، ولها النفقة عن المدة السابقة إذا حصلت خلوة صحيحة، أو كانت ممكنة نفسها من الدخول، ولتلافي رفع دعوى طلاق تعسفي، يمكنك توسيط من يشترط عليها عدم ذلك، مقابل طلاقها.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقبل الجواب عما سألت عنه ننصحك أولا بالتوبة من القرض الربوي الذي قلت إنك أخذته.

وفيما يخص سؤالك فلا شك أن الله تعالى قد شرع الزواج ليكون سكنا وراحة لكل من الزوجين، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً {سورة الروم:21}.

وحيث قد وصلت الأمور بينك أخي السائل وبين زوجتك إلى ما وصلت إليه فربما لا يحصل السكن المطلوب وتنعدم المودة والرحمة بينكما، ولذا فنشير عليك بطلاقها، والله سبحانه سيجعل لك مخرجا منها، قال تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا. {الطلاق:2}

وإذا كنت لم تخل بزوجتك خلوة صحيحة يمكن فيها الوطء عادة، فإن لها نصف المهر، المقدم منه والمؤخر، قال تعالى: وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة : 237}.

ويستحب أن يعفو أحد الزوجين عن النصف الواجب له لصاحبه؛ لقوله تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ {البقرة :237}.

أما إذا خلوت بها خلوة صحيحة فإن الخلوة الصحيحة لها حكم الدخول على الراجح من أقوال أهل العلم إذا ثبتت بينهما بالإقرار أو بالبينة فإنها تجعل للزوجة جميع الحقوق المقررة للمدخول بها، فلها جميع المهر، وتجب عليها العدة إذا طلقت، وأما نفقتها فلها النفقة من حين الخلوة بها إلى نهاية عدتها إذا خلوت بها، فإذا لم تخل بها خلوة على الوجه المتقدم فإن النفقة لا تجب لها إلا إذا كانت الزوجة ممن يوطأ مثلها، وسلمت نفسها للزوج ومكنته من الدخول بها، ولو حكماً، فإن النفقة تجب لها على الزوج من حين التمكين.

وأما خشيتك من أن ترفع عليك دعوى طلاق تعسفي، بحسب القوانين الوضعية، فهذا ظن قد لا يقع، ثم يمكنك أن تجعل بينك وبينها وسيطا يأخذ مالها عليك ومالك عليها، ويشترط عليها عدم رفع هذه الدعوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني