الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

طلب الطلاق خوفا من ظلم النفس والزوج

السؤال

اعذروني لأني سوف أطيل عليكم ولكن الموضوع حساس ويؤرقني.
منذ عام تقريبا تقدم لخطبتي شخص ما ولكني كنت رافضة تماما لعدم اقتناعي به ولكن أهلي أجبروني وقالوا إنه ليس به ما يعيب وألحوا علي ووقعت في مشاكل معهم وفي النهاية أقنعوني أني أقبل بالخطبة وإن لم أقتنع فسوف نفسخ الخطوبة وقبلت على مضض وبعد الخطوبة تأكدت من عدم اقتناعي به لأسباب كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولكن أخص فارق التعليم بيني وبينه والثقافة والفكر والأسلوب وأيضا ومن الأشياء المهمة تحفظي عليه في بعض الأمور الدينية مثل الصلاة وأمور أخرى كثيرة متعلقة بالدين لا أجده مهتما بها باختصار لم أشعر معه بالراحة في أي شيء على الرغم من أنهم يرونه جيدا جدا حاولت مرارا وتكرارا أن أذكرهم بكلامهم لي وأن يفسخوا الخطوبة ولكن رفضوا وحدثته ولكنه لا يشعر بكلامي ولا يفهمه حاولت كثيرا إلى أن يئست وقلت في نفسي قدر الله وما شاء فعل وحاولت أن أصبر وأن أرضي ثم تم عقد القران (كتب الكتاب ) واتفقوا على إتمام الزفاف في الصيف وكنت أحاول أن أصبر وأحاول أن أرضى ولكن وجدت في النهاية أني سوف أظلم نفسي وأظلمه إذا رضيت بهذا الوضع فأعلنت للجميع أني قررت الانفصال ولكن الجميع وقف ضدي وأهانوني وأسمعوني كلاما لا أطيقه مثل كلام الناس وإخوتك الصغار سيتزوجون وأنت لا ولكني أصررت على موقفي إلى أن يئسوا مني ومنذ فترة قصيرة بدءوا في الكلام معه ومع أهله ويحاولون الاتفاق ولكن بعضهم غير موافق وهو أيضا ويقول إنه سوف يتغير ولكني حاولت كثيرا معه وأعلم أن هذا مجرد كلام وسوف يسوفون حتى يحدث الزفاف وعاتبوني كثيرا وقالوا إنك بهذا ظالمة وتفتري عليه ولكني من داخلي واثقة من أن هذا أبسط الحقوق التي منحني إياها المولى عز وجل وشرط الزواج القبول ودائما في تفكيري أجد قصة السيدة زينب بنت جحش وكيف عندما شعرت بعدم التكافوء بينها وبين زوجها وكان من الصحابة سمح لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطلاق.
فهل أنا فعلا ظالمة؟
وهل إذا قال إني طالق سواء أمام أحد أو حتى قالها لي في الهاتف دون أن يسمعه أحد غيري هل بهذا أكون طالقا فعلا؟
وهل لي عدة حيث إني لم يتم زفاف ولا دخول (مازلت في منزل أهلي) وهل له الحق أن يرجعني إليه بعد الطلاق خلال فترة معينة وهل لي حقوق منه لأنه إذا كانت لي حقوق أريد أن أتنازل عنها حيث إني سوف أرجع له كل هداياه وشبكته وكل شيء و لو هناك حقوق لي سوف أتنازل عنها . وماذا أفعل إذا أهلي تهاونوا معه مرة أخرى وأجبروني على الصلح هل يجوز لي أن أترك البيت وأعمل وأسكن عند أحد من أهلي وفي تلك الحالة ألجأ للقضاء الي أن ينتهي الموضوع؟
أحب أن أوكد لكم أني متأكدة من قراري وليس وليد اللحظة أو تسرعت فيه وغير قابلة نهائيا أن أتراجع عنه مهما كانت الظروف.
بالله عليكم لا تهملوا سؤالا واحدا من أسئلتي لأني فعلا لا أجد أحدا يرد على كل أسئلتي هذه ولا يفهمني حتى أهلي.

الإجابــة

الخلاصة:

فبما أن السائلة قد أبدت موافقتها ولو غير مقتنعة على كتب الكتاب فقد لزمها الزواج، وليس لها الخيار في فسخه لكن إن كانت تخشى من ألا تقيم حدود الله مع هذا الرجل فلا حرج عليها في طلب الطلاق منه ولو في مقابل فدية تدفعها له. والطلاق متى ما أوقعه الزوج في حالة اختيار منه وقع وإن لم يسمعه أحد، وكل طلاق وقع قبل الدخول فلا عدة منه .

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يجوز لأبويك ولا لغيرهم إرغامك على الزواج بمن تكرهين باتفاق إن كنت ثيبا وعلى الراجح إن كنت صغيرة، وقد أخطأت بإبدائك للموافقة على عقد الزواج وأنت غير مقتنعة وراضية، وإن كان وصل بك كراهة الرجل إلى ما ذكرت فلا حرج عليك في طلب الفراق منه ولو بعوض لئلا تظلميه حقه، ولا تقيمي معه حدود الله عز وجل.

وإن كان قد طلقك وحده أو مع أحد أو أسمعك ذلك دون غيرك فيقع عليه الطلاق ديانة أي فيما بينه وبين الله عز وجل، لكن إن أنكر ذلك فلا بد من بينة عليه أنه نطق به وأوقعه. وعلى فرض حصول الطلاق قبل الدخول أو ما يقوم مقامه من الخلوة الشرعية فلا عدة عليك، وليس له مراجعتك لأنك قد بنت منه بينونة صغرى؛ فإن أراد الزواج بك فلا بد من عقد جديد كالزواج ابتداء ولك قبوله أو رفضه، ولك عليه نصف الصداق المسمى، وينبغي لك العفو عنه مادمت أنت من طلبت الطلاق ورغبت فيه، وعلى فرض أنه لم يطلقك فلك مخالعته بالتنازل عن حقوقك عليه ونحو ذلك، فإن أبى فلك رفع أمرك للقضاء وبيان ما كان له لإلزامه بما يجب عليه من ذلك شرعا، وأما لو رغب أهلك في الصلح فلا يلزمك قبوله ولا ينبغي أن تخجلي من بيان موقفك من الأمر وكرهك للرجل لئلا يتكرر نفس الخطأ ويزداد الأمر تعقيدا؛ لأن حله قبل مجيء الولد أهون مما لو كان بعد ذلك.

وأما ترك بيت أبويك فلا ننصحك به، ولا يجوز لك هجرهما، لكن إن أرغماك عليه ووجدت غيرهما من أقربائك فلا حرج عليك لكن مع السعي في مصالحة أبويك وعدم مقاطعتهما، وفي قلبيهما من الرحمة والشفقة ما ينسيهما ذلك بعد انتهائه والفكاك منه، ويمكنك تسليط بعض أهل العلم والصلاح عليهما لبيان الحكم الشرعي في ذلك كله لهما، وأنه لا يجوز لهما شرعا ولا ينبغي لهما طبعا إرغام ابنتهما وفلذة كبدهما على من تكره.

وللمزيد انظري هاتين الفتويين: 22845، 2233.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني