الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

فضيلة الشيخ توجد ظاهرة في بلدي وهي أنه يوجد شخص عاقل بالغ عمره 28 سنة يشتري الأشياء العينية بجميع أنواعها سيارات عقارات أراضي كروت جوال أي شيء بسعر أعلى بكثير من سعرها في السوق ومن ثم يبيعها بأقل من الثمن الذي اشتراها به بكثير، فهل يجوز بيع هذا الشخص وشراؤه، وإذا كان يجوز فهل يجوز أن أبيعه كروت الجوال بالسعر الذي يدفعه، وهل يجوز أن أبيعه سيارات، وهل يجوز أن أبيعه أي شيء آخر، فأرجو الرد السريع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان المقصود أن هذا الشخص يشتري هذه الأشياء بالأجل ويبيعها نقداً للحصول على مال فهذه مسألة التورق، وقد سبق أن بينا حكمها وأنها جائزة على الراجح، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 22172.

وبناء على هذا فلا بأس بأن يباع له أي شيء مما هو مباح مما ذكر وغيره، أما إذا كان المقصود أنه يشتري نقداً ويبيع نقداً، فينظر: فإن كان له قصد حسن فيما يفعل كرغبته في التيسير على الناس وجعل هذه الأشياء في متناولهم دون أن يضر في ذلك بنفسه أو بأسرته فلا حرج في مبايعته.. أما إذا لم يكن له هذا القصد فإنه سفيه يجب الحجر عليه برفع أمره إلى القضاء، ولا يجوز لأحد يعلم بحاله حينئذ مبايعته لما في ذلك من معاونته على الإسراف والتبذير، وقد قال الله تعالى: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا {الإسراء:26-27}، وقال أيضاً: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.

علماً بأن العلماء قد اختلفوا في حكم رد أفعال السفيه قبل صدور الحكم بالحجر عليه؛ لكن الراجح -إن شاء الله- هو ردها، كما بوب عليه البخاري في الصحيح بقوله: باب من رد أمر السفيه والضعيف العقل وإن لم يكن حجر عليه الإمام.

وقال الحافظ ابن حجر في الفتح في التعليق على ذلك: يعني وفاقاً لابن القاسم، وقصره أصبغ على من ظهر سفهه، وقال غيره من المالكية: لا يرد مطلقاً إلا ما تصرف فيه بعد الحجر وهو قول الشافعية وغيرهم، واحتج ابن القاسم بقصة المدبر حيث رد النبي صلى الله عليه وسلم بيعه قبل الحجر عليه، واحتج غيره بقصة الذي كان يخدع في البيوع حيث لم يحجر عليه ولم يفسخ ما تقدم من بيوعه، وأشار البخاري بما ذكر من أحاديث الباب إلى التفصيل: بين من ظهرت منه الإضاعة فيرد تصرفه فيما إذا كان في الشيء الكثير أو المستغرق وعليه تحمل قصة المدبر، وبين ما إذا كان في الشيء اليسير أو جعله له شرطاً يأمن به من إفساد ماله فلا يرد وعليه تحمل قصة الذي كان يخدع.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني