الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم... الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا ورسولنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: ما حكم الشرع في انتحال شخص اسم شخص آخر بشكل عام، وحكم انتحال شخص مكتوم القيد اسم شخص ميت للحصول على جنسيته وذلك بعد وصية من المتوفى وبموافقة أهله، بغرض تحقيق منافع مباحة كحصول أولاد المنتحِل على بطاقات هوية تمكنهم من التعلّم والزواج والوظيفة وغير ذلك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الأصل هو تحريم هذا العمل لسببين الأول أنه تزوير لأنه داخل في شهادة الزور وقول الزور، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك قائلاً: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور أو قول الزور. وكان رسول الله متكئاً فجلس فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. رواه البخاري ومسلم من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

والثاني أن فيه انتساب فاعل ذلك لغير أبيه، وقد ورد الوعيد الشديد لمن انتسب لغير أبيه مع علمه بذلك، فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر.

وقوله صلى الله عليه وسلم: إلا كفر.. قال النووي: فيه تأويلان: أحدهما: أنه في حق المستحلِّ -أي من استحل فعل هذا مع علمه فقد كفر-، الثاني: أنه كفر النعمة والإحسان وحق الله تعالى وحق أبيه. انتهى..

والله سبحانه وتعالى يقول: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ {الأحزاب:5}، هذا هو الأصل ولا يستثنى منه إلا ما دعت إليه ضرورة ملجئة، فإن كان الشخص مضطراً لهذا التزوير، ولا يمكنه أن يتوصل إلى حقه أو حق من يعولهم في العمل أو التعلم أو الزواج أو غير ذلك بالطرق المشروعة دون تزوير فلا حرج -إن شاء الله تعالى- في انتحال اسم غيره، قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، والإثم على من ألجأه إلى هذا العمل، وحال بينه وبين حقه وحق أولاده المشروع، على أنه يلزم التنبيه في هذا المقام إلى أمور:

أولها: أن يقتصر على قدر الضرورة دون التوسع إلى ما عداها، قال الله تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {البقرة:173}، وليس من الضرورة تحصيل منافع كمالية بإمكان المرء الاستغناء عنها.

وثانيها: أن يحذر مما قد يوقع في الحرج وإذلال النفس.

وثالثها: أن يتخذ من الاحتياطات ما يحول دون وقوع شيء من المحذور بسبب التغيير في نسبه وما يترتب على ذلك من نسبة من هم أقارب الميت له في هويته والحقيقة على خلاف ذلك، ونعني هنا الأمور التي تتعلق بالحقوق كالتركات ونحوها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني