الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

زواج المسافة في منظار الشرع

السؤال

عندنا زواج يسمى (زواج المسافة)وهو نوعان:
الأول: يسافر الرجل مع المرأة إلى قرية مسافتها100كم فيأتيان أحد علماء تلك القرية فتوكله المرأة وتجعله حاكمها فيزوجها فيرجع ويدخل بها ثم يأتي أهل الر جل إلى أهلها ويقولون إن بنتكم مع ابننا ويعطونهم هدايا فيقبلون فما حكم هذا الزواج؟
الثاني: هو إذا غاب الولي مسافة 100كم يأتي الرجل والمرأة إلى أحد علماء القرية فتوكله عقدها وتجعله حاكمها فيزوجها ويدخل بها ثم يأتي أهل الرجل إلى أهلها ويقولون إن بنتكم مع ابننا ويعطونهم هدايا فيقبلون فما حكم هذا الزواج؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

فهذان النوعان من زواج المسافة لا يصحان على ما ذكر في السؤال إلا عند من لا يشترط الولاية في النكاح، وإن كان النوع الثاني هو الذي غاب فيه الولي يصح لو ولت المرأة أمرها لقاضي بلدها عند غيبة وليها الغيبة المذكورة لا أي عالم أو شيخ وإنما قاضي بلدها أو من ينوب عنه.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فغيبة الولي مسافة قصر فأكثر تبيح للمرأة أن ترفع أمرها للحاكم أو من يقوم مقامه ليزوجها نيابة عنه لدى بعض أهل العلم كالشافعية، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب على روضة الطالب: وإن غاب الولي مسافة القصر لا دونها زوجها قاضي بلدها، لا الأبعد ولا قاضي غير بلدها.

وعلى هذا القول يمكن تصحيح الصورة الثانية من نوعي زواج المسافة إذا كان من توليه أمرها هو قاضي بلدها لا مجرد أي شيخ أو عالم من علماء القرية كما ذكر في السؤال.

وأما الصورة الأولى وهي سفر المرأة وخطيبها مسافة قصر تحايلا على حق الولي فلا يصح ذلك لأن الغيبة التي تسقط حقه في الولاية هي غيبته بنفسه أو تغيبه بحق من الحاكم ونحوه فيسقط حقه اعتبارا لحق المرأة لئلا يفوتها الكفء ويلحقها الضرر، وأما سفرها هي عنه لإسقاط حقه فلا يصح لها ما لم يكن منعها من كفء وعندئذ فليست بحاجة إلى السفر بل ترفع أمرها للقضاء لتثبت عضله إياها.

وخلاصة القول على ما يظهر لنا هي أن الصورة المذكورة من زواج المسافة لا تصح إلا عند تحقق عضل الولي أو غيبة وليها مسافة قصر فأكثرإذا ولت القاضي أمرها لينوب عنها إن لم يكن لوليها وكيل حاضر فيزوجها قاضي بلدها أو يأذن لوليها الأبعد في تزويجها، وأما سفر المرأة وخطيبها تحايلا على حق الولي فلا يصح مع ما يترتب عليه من مفاسد ومحرمات إن لم يكن مع المرأة محرم، كما أن فعل ذلك يؤدي غالبا إلى نشوب الحروب وإيقاظ الفتن بين أهلها وأهل الرجل.

لكن إن حكم قاض شرعي بصحة ذلك النكاح اعتبارا لمن يقول به من أهل العلم كمن لا يرى اشتراط الولاية في النكاح ونحو ذلك فحكمه صحيح رافع للخلاف.

ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتوى رقم: 95229، والفتوى رقم: 1766.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني