الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواب شبهة حول قوله تعالى (واللائي لم يحضن)

السؤال

أثار تفسير ابن كثير رحمه الله للآية رقم 4 من سورة الطلاق جدلاً كبيراً في فرنسا وخاصة علي المنتديات، فإبن كثير فسر قوله تعالى "وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ" أي الصغيرات اللاتي لم يحضن بعد، فقال العلمانيون إن القرآن يبيح الزواج بالبنات اللاتي لم يبلغن الحلم مما أدى ببعض المسلمات أن يشككن في كون أن القرآن نزل وفي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وأعرف مسلمة ارتدت بعد ما تأكدت من تفسير ابن كثير رحمه الله، هل هناك معنى آخر لهذا الجزء من الآية وكيف نرد لتثبيت المسلمين والمسلمات، فهل البلوغ شرط من شروط الدخول?جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فننبه أولاً إلى أنه ينبغي الرجوع إلى أهل العلم عند ورود بعض الشبهات حول الإسلام، وعلى المسلم أن يبادر أولاً إلى اتهام فهمه وقصور علمه قبل أن يتهم الإسلام.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فلا يجوز لمن لم يكن له إلمام بالعلم الشرعي الدخول لمثل هذه المنتديات التي تثير مثل هذه الشبهات لأن هذا قد يترتب عليه من الأمور ما لا تحمد عقباه كما هو الحال فيما ذكرت من أمر هذه الفتاة التي ارتدت عن الإسلام بسبب هذه الشبهة، ونوصي الأخوات المسلمات بالحرص على مناصحتها والاهتمام بأمرها وأمر أمثالها، وكذا نوصي بذلك الإخوة القائمين على المراكز الإسلامية.

وأما الآية المذكورة فلا شك أنها قد دلت على جواز نكاح الصغيرة التي هي دون البلوغ وأنها تعتد بالأشهر إذا دخل بها الزوج، قال ابن العربي في كتابه أحكام القرآن: المسألة الرابعة: قوله تعالى: واللائي لم يحضن دليل على أن للمرء أن ينكح ولده الصغار، لأن الله تعالى جعل عدة من لم يحض من النساء ثلاثة أشهر ولا تكون عليها عدة إلا أن يكون لها نكاح فدل ذلك على هذا الغرض وهو بديع في فنه. انتهى.

ولكن لا يجوز للزوج أن يطأها إلا إذا كانت مطيقة للوطء، بل قد جعل بعض بعض الفقهاء الصغر مانعاً من تسليم المرأة لزوجها، وراجع في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 108613، 45168، 11251.

وننبه هنا إلى أمر مهم وهو أنه ليس من الغريب أن يطعن من لا يؤمن بالله واليوم الآخر في شيء من أحكام الله تعالى، ولكن الغريب أن يؤدي إثارة مثل هذه الشبهات ببعض المؤمنين إلى الردة بسببها، وقديما قال المشركون بشأن تحريم أكل الميتة: إن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله، فما ذبح الله بسكين من ذهب فلا يأكلونه وما ذبحوه هم يأكلونه، فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء، فأنزل الله: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ. وإذا كان الشخص متزلزل الإيمان بحيث إنه كلما مرت عليه عاصفة شبهة عصفت به فهذا حقيقة يجب أن يراجع نفسه وإيمانه بالله تعالى، فما زال أعداء الإسلام ولن يزالوا يثيرون مثل هذه الشبه السخيفة غير أن المؤمن الصلب الإيمان يدفعه بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبكلام أهل العلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني