الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الصلاة في مسجد داخله غرفة في قبلته فيها قبر

السؤال

عندنا مسجد في الحي وداخل المسجد في الجهة اليمنى وفي القبلة هناك غرفة مغلقة كل الأسبوع فيها قبر للذي بنى المسجد وهو غير مرتفع وممسوح تقريبا ونحن المصلون لا نبالي به وهو منسي بالنسبة لنا. ولكن حاولنا نبشه ولكن لم نستطع بسبب أهل الميت الذين عندهم نفوذ قوي في السلطة، ولاجتناب الفتنة تركنا الأمر وللعلم أن أهل الميت لا يأتون للمسجد إلا يوم الجمعة ليترحموا على والدهم وهذا بعد انقضاء صلاة الجمعة أي بعد فراغ المسجد. وليكن في علمكم أنه عندنا إمام نشهد له بالتقوى وهو بعيد عن هذه الشبهات ولكن لم يستطع فعل أي شيء . فما حكم الصلاة في هذا المسجد . وشكرا .

الإجابــة

الخلاصة:

لا يجوز الدفن بداخل المسجد ولا تجوز الصلاة في المسجد الذي يوجد بداخه قبر سواء كان على القبر بناء خاص به أم لا ماد ام داخل المسجد، أما إذا كان خارجا عن المسجد منفصلا عنه فلا بأس.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كان القبر داخل المسجد فإنه لا تجوز الصلاة في ذلك المسجد حتى ينقل القبر أو يسوى، وإذا لم يكن بإمكان جماعة المسجد تسوية القبر الموجود داخل المسجد أو كان بإمكانهم ذلك لكن يترتب عليه ضرر أكبر كالفتنة فعليهم أن ينتقلوا إلى مسجد آخر لأن الصلاة لا تجوز في المسجد الذي بداخله قبر سواء كان على القبر بناء خاص به أم لا، لأن ذلك لا يغير شيئا من كونه قبرا داخل المسجد.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: اتفق الأئمة أنه لا يبنى مسجد على قبر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك. وأنه لا يجوز دفن ميت في مسجد، فإن كان المسجد قبل الدفن غُـيِّـرَ إما بتسوية القبر وإما بنبشه إن كان جديداً. وإن كان المسجد بني بعد القبر، فإما أن يزال المسجد وإما أن تزال صورة القبر، فالمسجد الذي على القبر لا يصلى فيه فرض ولا نفل، فإنه منهي عنه. انتهى.

وقال أيضا: ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجد، فقال في مرض موته: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما فعلوا. قالت عائشة رضي الله عنها: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال قبل أن يموت بخمس: إن من كان قبلكم كان يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا بيتي عيداً ولا بيوتكم قبوراً، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني.

ولهذا اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء المسجد على القبور، ولا تشرع الصلاة عند القبور، بل كثير من العلماء يقول: الصلاة عندها باطلة. انتهى.

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى وهو يبين الحكم فيما إذا بني المسجد على قبر أو دفن الميت في مسجد فقال: وعلى هذا.. فيهدم المسجد إذا بني على قبر، كما ينبش الميت إذا دفن في المسجد. نص على ذلك الإمام أحمد وغيره، فلا يجتمع في دين الإسلام مسجد وقبر، بل أيهما طرأ على الآخر منع منه، وكان الحكم للسابق، فلو وضعا معا لم يجز، ولا يصح هذا الوقف ولا يجوز، ولا تصح الصلاة في هذا المسجد لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ولعنه من اتخذ القبر مسجداً، أو أوقد عليه سراجاً، فهذا دين الإسلام الذي بعث الله به رسوله ونبيه، وغربته بين الناس كما ترى. انتهى.

هذا كله إذا كان القبر داخل المسجد، أما إذا كان خارجا عنه فلا حرج في الصلاة فيه كما بينا ذلك في فتاوى سابقة، راجع منها هاتين الفتويين: 40232، 40826.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني