الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخضاب بالسواد للجهاد

السؤال

ما صحة القول بجواز الصبغة للشاب والمجاهد وإمام المسلمين؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالراجح من أقوال العلماء حرمة الصبغ بالسواد مطلقا، وأما غير السواد فجائز.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء: تغيير الشعر بغير السواد لا حرج فيه، وكذلك استعمال مواد لتنعيم الشعر المجعد، والحكم للشباب والشيوخ في ذلك سواء، إذا انتفت المضرة وكانت المادة طاهرة مباحة، أما التغيير بالسواد الخالص فلا يجوز للرجال والنساء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: غيروا هذا الشيب واجتنبوا السواد رواه مسلم.

وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى: 586، 2301، 6007، 12748، 11528، 29034، 51806، 24124، 21296.

وأما استثناء إمام المسلمين من ذلك الحكم فلم نجد من قال به من الأئمة.

وأما الشاب فيمكن أن يستدل لاستثنائه بما رواه ابن أبي عاصم عن ابن شهاب الزهري قال: كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه جديداً، فلما نفض الوجه والأسنان تركناه.

ولكن هذا الأثر لا حجة فيه لأنه مقطوع موقوف على ابن شهاب وهو تابعي، مع أنه عارضه ما هو أصح منه وهو قوله: غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد. رواه أبو داود وصححه الألباني.

أَمَّا فِي الْحَرْبِ فَهُوَ جَائِزٌ إِجْمَاعًا، بَل هُوَ مُرَغَّبٌ فِيهِ. كما جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية، وممن نص على استثناء حال الجهاد النووي في المجموع، وقال الرملي في فتاويه: خِضَابَ الشَّيْبِ بِالْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ سُنَّةٌ، وَخِضَابَهُ بِالسَّوَادِ حَرَامٌ إلَّا لِلْمُجَاهِدِ فِي الْكُفَّارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ .

وقال الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية: الْحَاجَةُ الْخَاصَّةُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَ... وَمِنْهُ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ لِلْجِهَادِ. وعلل أبو طالب المكي والغزالي والنووي وزكريا الأنصاري والبجيرمي ذلك بإظهار الشباب والقوة للكفار.

وقَالَ الْحَمَوِيُّ في رد المحتار : لَا يَحْرُمُ فِي حَقِّ الغزاة لِلْإِرْهَابِ، وَلَعَلَّهُ مَحْمَلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الصَّحَابَةِ. ونقل ابن الملك أن من فعل ذلك من الغزاة ليكون أهيب في عين العدو لا للتزيين فلا بأس به .

ونص الأزهري وأبو الحسن المالكي على حصول الثواب به، فقالا كما في الثمر الداني وكفاية الطالب : أما في الجهاد لإيهام العدو الشباب فيؤجر عليه.

ومن العلماء من نص على عدم الرخصة إلا للمجاهد، ففي عون المعبود شرح سنن أبي داود : مِنْ الْعُلَمَاء مَنْ رَخَّصَ فِيهِ فِي الْجِهَاد وَلَمْ يُرَخِّص فِي غَيْره, وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ فِي ذَلِكَ بَيْن الرَّجُل وَالْمَرْأَة فَأَجَازَهُ لَهَا دُون الرَّجُل، وَاخْتَارَهُ الْحَلِيمِيّ اهـ.

وقد سبق استثناء المجاهد في الفتوى رقم: 29034.

وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 37018، 27159، 49515، 61084، 21388، 9477، 12480، 37018.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني