الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

القرآن شفاء من الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة

السؤال

هل يصح أن يكون القرآن الكريم دواءً للأجسام ؟
وهل قوله تعالى في سورة هود: (( وشفاء لما في الصدور )) يشير إلى هذا الأمر ؟
وما حكم مَن ينكر أنَّ في القرآن شفاء الجسد ويقول بالشفاء المعنوي فقط ؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

في القرآن الكريم دواء للأبدان والقلوب...، ومن يقول بغير هذا يخالف الأدلة والواقع وجمهور أهل العلم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن القرآن العظيم شفاء للقلوب والأبدان وللظاهر والباطن.. دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة وتجارب الصالحين وواقع الناس، وهو قول جمهور أهل العلم؛ قال السيوطي في الإتقان: النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن، وقد أفرده بالتصنيف جماعة.... ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82} وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {: يونس: 57}.

وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا في مسير فنزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت: إن سيد الحي سليم، لدغ. فهل فيكم من راق؟ فقام معها رجل منا. ما كنا نظنه يحسن رقية. فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ. فأعطوه غنما، وسقونا لبنا. فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب. قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك. فقال :ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم.

وقال ابن القيم في زاد المعاد: فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة... فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه فهما في كتابه..اهـ

وأما القول بأنه شفاء للقلوب فقط ولا يشرع الاستشفاء به للأبدان ؛ فهو قول مرجوح لا يلتفت إليه، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم ؛ جاء في الموسوعة الفقهية: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي كَوْنِ الْقُرْآنِ شِفَاءً عَلَى قَوْلَيْن: فذهب بعضهم إلى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الِاسْتِشْفَاءُ بِهِ مِنْ الْأَمْرَاضِ الْبَدَنِيَّةِ، بَلْ هُوَ شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ، بِزَوَالِ الْجَهْلِ عَنْهَا وَإِزَالَةِ الرَّيْبِ، وَلِكَشْفِ غِطَاءِ الْقَلْبِ مِنْ مَرَضِ الْجَهْلِ لِفَهْمِ الْمُعْجِزَاتِ، وَالْأُمُورِ الدَّالَّةِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ...... ثم ذكرت القول الراجح وهو قول الجمهور.

ومن ينكر أن في القرآن شفاء للأبدان ؛ فهو يقول بهذا القول الضعيف المرجوح الذي لا يلتفت إليه.

وللمزيد من الفائدة انظر الفتوى: 22104.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني