الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما حكم تخزين الأرز المتعارف عليه في القرى المصرية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان مراد السائل ما يقوم به التجار من الشراء وقت الرخص وانتظارهم وقت الغلاء ليبيعوه بغرض الربح ، فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى ، وليس هذا من الاحتكار المحرم، ما دام أنهم لم يشتروا في وقت الغلاء وحاجة الناس، فيضيقوا عليهم، وقد سبق بيان ذلك مع بيان حقيقة الاحتكار المحرم وحكمه، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12797 ، 30462 ، 46693 ، 49907.

وإن كان مراد السائل ما تقوم به العائلات من ادخار قوت سنتهم إلى وقت الحصاد من العام التالي ، فلا بأس به أيضا ، ولا ينافي التوكل ، فعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَانَ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ. رواه البخاري ومسلم.

قال ابن حجر: قَالَ اِبْن دَقِيق الْعِيد : فِي الْحَدِيث جَوَاز الِادِّخَار لِلْأَهْلِ قُوت سَنَة، وَفِي السِّيَاق مَا يُؤْخَذ مِنْهُ الْجَمْع بَيْنه وَبَيْن حَدِيث " كَانَ لَا يَدَّخِر شَيْئًا لِغَدٍ " فَيُحْمَل عَلَى الِادِّخَار لِنَفْسِهِ وَحَدِيث الْبَاب عَلَى الِادِّخَار لِغَيْرِهِ , وَلَوْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ مُشَارَكَة، لَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ الْمَقْصِد بِالِادِّخَارِ دُونه حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدُوا لَمْ يَدَّخِر. اهـ. وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى الرَّدّ عَلَى الطَّبَرِيِّ حَيْثُ اسْتَدَلَّ بِالْحَدِيثِ عَلَى جَوَاز الِادِّخَار مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ ذَلِكَ , وَفِي الَّذِي نَقَلَهُ الشَّيْخ تَقْيِيد بِالسَّنَةِ اِتِّبَاعًا لِلْخَبَرِ الْوَارِد , لَكِنْ اِسْتِدْلَال الطَّبَرِيِّ قَوِيّ , بَلْ التَّقْيِيد بِالسَّنَةِ إِنَّمَا جَاءَ مِنْ ضَرُورَة الْوَاقِع لِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَدَّخِر لَمْ يَكُنْ يَحْصُل إِلَّا مِنْ السَّنَة إِلَى السَّنَة , لِأَنَّهُ كَانَ إِمَّا تَمْرًا وَإِمَّا شَعِيرًا , فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ شَيْئًا مِمَّا يُدَّخَر كَانَ لَا يَحْصُل إِلَّا مِنْ سَنَتَيْنِ إِلَى سَنَتَيْنِ لَاقْتَضَى الْحَال جَوَاز الِادِّخَار لِأَجْلِ ذَلِكَ ... وَاخْتُلِفَ فِي جَوَاز اِدِّخَار الْقُوت لِمَنْ يَشْتَرِيه مِنْ السُّوق , قَالَ عِيَاض: أَجَازَهُ قَوْم وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْحَدِيث, وَلَا حُجَّة فِيهِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْ مُغَلٍّ الْأَرْض. وَمَنَعَهُ قَوْم إِلَّا إِنْ كَانَ لَا يَضُرّ بِالسِّعْر, وَهُوَ مُتَّجِه إِرْفَاقًا بِالنَّاسِ. ثُمَّ مَحِلّ هَذَا الِاخْتِلَاف إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَال الضِّيق, وَإِلَّا فَلَا يَجُوز الِادِّخَار فِي تِلْكَ الْحَالَة أَصْلًا. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني