الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الاحتيال للتهرب من الزكاة

السؤال

لي صديق قبل نهاية الحول يبيع استثماراته ويقوم بشراء غيرها ويقول: إنه بذلك لا يستحق عليه زكاة، وأنه يستحق على الربح فقط فأرجو الإفادة، هل تغيير شكل الاستثمار أو بيعه وإعادة شرائه يعفي من الزكاة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت استثمارات صديقك في البضائع التجارية فهذه لا تجب الزكاة في عينها بل في قيمتها، وعليه فإذا كان الشخص المذكور يمارس التجارة في نوع معين من البضائع وقبل الحول يبيعها ويشتري بضاعة أخرى فلا تسقط عنه الزكاة، بل إذا حال حول الثمن الذي اشتريت به تلك البضائع، إن كان ذلك الثمن نصاباً وجب عليه أن يعرف قيمتها في السوق ويخرج الزكاة عن أصل المال والربح معاً، ولو فرض أنه اشترى عروض التجارة بمال دون النصاب، فإن الحول يبدأ من اكتمال النصاب، فإذا حال الحول لزمه أن يقوم ما عنده من عروض فإن كانت القيمة بالغة نصاباً فعليه إخراج ربع العشر، وليس وجوب الزكاة مقتصراً على الربح فقط، بل تجب فيه مع رأس المال لأنه ناشئ عنه.

وضم الربح لأصل المال في الزكاة هو مذهب المالكية والحنابلة وقول عند الشافعية وأبي يوسف من الحنفية ففي الموسوعة الفقهية: يضم الربح الحاصل من عروض التجارة في أثناء الحول إلى الأصل، وذلك لأجل حساب الزكاة، فلو اشترى مثلاً عرضاً في شهر المحرم بمائتي درهم فصارت قيمته قبل آخر الحول ولو بلحظة ثلثمائة درهم زكى الجميع آخر الحول، سواء حصل الربح في نفس العرض كسمن الحيوان، أم بارتفاع الأسواق قياساً على النتاج مع الأمهات؛ ولأن المحافظة على حول كل زيادة مع اضطراب الأسواق مما يشق، ولأنه نماء جار في الحول تابع لأصله في الملك فكان مضموماً إليه في الحول، وهذا مذهب المالكية والشافعية في قول هو خلاف الأظهر والحنابلة وإسحاق وأبي يوسف، والأظهر عند الشافعية أنه يضم الربح إلى الأصل ما لم يكن هناك نضوض فإن كان فلا يضم بل يزكي الأصل لحوله ويستأنف للربح حولاً، وقال أبو حنيفة: إنه يبني حول كل مستفاد على حول جنسه نماء كان أو غيره. انتهى.

وإذا كان يشتري بثمن بضاعته تلك مالاً لا تجب زكاته كشراء أرض للبناء مثلاً ونحو ذلك، لكي تسقط عنه الزكاة، فإن كان ذلك في أول الحول فلا زكاة عليه، وإن كان بعد الحول وجبت الزكاة، وإن كان قرب الحول فقد اختلف أهل العلم هل تسقط الزكاة أم لا؟ وراجع تفاصيل ذلك في الفتوى رقم: 98664.

وعليك نصح صديقك هذا وتذكيره بحرمة منع الزكاة وخطورة التحايل لإسقاطها، وأن يخرج ما وجب عليه من زكاة واجبة فيما مضى مع الاحتياط في ذلك حتى يتحقق من براءة ذمته، وبين له أن الصدقة لا تنقص المال بل تنميه لما في صحيح مسلم: ما نقصت صدقة من مال... ولقوله تعالى: وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ {سبأ:39}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني