الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكم البالغة في جعل الأزواج والذرية للمرسلين

السؤال

تابع للسؤال رقم2194535
السؤال الثاني: • كيف كان يعدل محمداً بين هذا العدد الهائل من النساء؟ وفي هذا تقول عائشة عبد الرحمن ـ الشهيرة ببنت الشاطئ ـ في كتابها نساء النبي، وبناء على أحاديث البخاري وتفسيراً لسورة الأحزاب والآيات من 50 إلى 53: أن النبي وهو بشر كيف له أن يقصر عواطفه على غير ما تهوى، أو يخضعها بإرادته لموازين العدل وضوابط القسمة!!! • وهذا جعل الكاتبة تسأل: كيف وهو النبي لا يستطيع أن يضبط نفسه؟ ولماذا يطالب عامة الناس بفعل ما لم يستطع هو نفسه أن يفعله؟؟؟؟؟؟!!! السؤال الثالث: • لماذا كانت عائشة المراهقة الحسناء ذات الجمال والدلال أحب زوجات الرسول؟ • وتسأل الكاتبة: كيف يعقل أن يتزوج رجل في الخمسينات من طفلة في الثامنة أو التاسعة من عمرها؟ • وأية قوانين في العالم ـ المتحضرـ تسمح لرجل كهل في هذا السن أن يكون قدوة حسنة لخير أمة أخرجت للعالمين في اغتصابه لطفلة في مثل هذا السن؟ • إن القوانين الوضعية الحالية تُعطي الحق للقاضي أن يؤدب الرجل الذي يزوج ابنته الطفلة بالسجن والجلد وإسقاط الولاية الشرعية منه. السؤال الرابع: • أين هنا قمع الرسول لشهواته وجسده؟ وكيف يكون لنا في رسول الله أسوة حسنة؟؟؟؟؟؟؟ • تحكي الكاتبة نقلاً عن عائشة عبد الرحمن في كتابها نساء النبي: كيف كانت السيدة عائشة زوجة الرسول الطفلة تصنع المؤامرات على النبي لأنها كانت "تغار" من بقية زوجاته وقصتها الشهيرة في التآمر ضد أسماء بنت النعمان عند زواجها من النبي، الذي جعل النبي يردد: إن كيدهن عظيم بدون رجوعه عن قراره بعد علمه بالمؤامرة. رابعاً: مقارنة جنسية بين محمد والسيد المسيح. إن الكاتبة تنقل سؤال مقارنة ـ وربما هذا سبب آخر لأسباب الإرهاب الفكري للأزهر والبرلمان المصري والقنوات الفضائية الإسلامية ـ حين تسأل: أين سيرة نبي الإسلام من سيرة السيد المسيح الذي عاش يوصل رسالة المحبة والقداسة والطهارة؟ بل أين ذلك من حياة بولس رسول المسيح الذي قال: تمثلوا بي كما أنا بالمسيح. وقال: أُقمع جسدي وأستعبده؟؟؟ أين هذا من قول بنت الشاطئ عن نبي الإسلام ـ قدوة المسلمين ـ في كتابها: "بخصوص عواطف النبي، كيف له وهو بشر أن يقسرها على غير ما تهوى!! أو يخضعها بإرادته لموازين العدل وضوابط القسمة!!! وتُضيف الكاتبة في صفحة 63 قائلة: "هل أدعوك يا أخي.. لكي تقرأ عن شخص السيد المسيح ومبادئه الفائقة ونعمته الغنية التي يعطيها لنا بمجرد طلبنا منه هذه النعمة. أتمنى أن نبحث عن خلاص نفوسنا، قبل أن نقف أمام الله ولا تشفع أية حجة واهية. فها نحن نسمع صوت الله المُحب كرسالة شخصية لكل واحد منا. هل تستجيب؟؟" تلك كانت نظرة حول لماذا منع الأزهر الحب والجنس في حياة النبي. وما هي دواعي الإرهاب الفكري الذي يمارسه ضد أي كاتب يفضح الفضائح التي تملأ الصفائح. هذا هو الإرهاب الفكري المتبع ضد أي شعاع نور للقطيع السائر على غير الطريق المستقيم. خالص تحياتي للأستاذ نادر نبيل المصري المحترم لمراجعته هذا المقال. هذا المقال تحت مسئوليتي وحدي. أيمن رمزي نخلة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

أما عن سؤال السائل عن عدل النبي صلى الله عليه وسلم بين زوجاته فنقول: لا يختلف في عدل النبي بين زوجاته ولا يشكك فيه إلا من ختم الله على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة وعمي عن نور الوحي، وأول من أقر بهذا العدل هن زوجاته، ولو حدث أي اختلال في هذا لكنّ أول المنكرين له المحدثين به لأن أمور الضرائر مبنية على المشاحة، قالت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا أقرع بين نسائه، فأيتهن خرج سهمها خرج بها. رواه البخاري ومسلم.

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليه طعاما في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها فألقت ما فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: طعام بطعام، وإناء بإناء. رواه الترمذي، وأصله في البخاري.

وأمر عدل النبي بين أزواجه في المبيت والطعام والشراب والكسوة وسائر وجوه النفقة مشهور معلوم، وأما العدل في الحب والمشاعر والميل القلبي فهذا لا يطالب به النبي ولا غيره لأن القلوب أمرها بيد الله سبحانه لا يملكها سواه، وطالما وجد العدل في الأمور الظاهرة ووجدت المعاشرة بالمعروف والمعاملة بالإحسان، فلا يؤاخذ الإنسان بعد هذا بما مال إليه قلبه طالما لم يخرجه هذا الميل عن الحق والعدل.

أما الذين يدعوننا إلى المقارنة بين النبي محمد والسيد المسيح عليه السلام: فنقول لهم:إن عقيدتنا نحن المسلمين ألا نفرق بين أحد من رسل الله، ولا نفضل بينهم تفضيلا ينتقص قدر واحد منهم، فكلهم لهم الغاية القصوى من الإجلال والتوقير والتعظيم، قال سبحانه: وَالَّذِينَ آَمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ {النساء:152} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تخيروا بين الأنبياء. متفق عليه، وفي رواية للبخاري: لا تخيروني من بين الأنبياء. وهذا محمول على التفضيل الذي يقتضي انتقاص قدر نبي من الأنبياء، أو محمول على التواضع منه صلى الله عليه وسلم، وإلا فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم هو أفضل الأنبياء وإمام المرسلين ورسالته أكمل الرسائل وشريعته أتم الشرائع.

وأما بخصوص ترك نبي الله عيسى للزواج فنقول: لا يوجد في ديننا ما يثبت ولا ما ينفي زواج المسيح، ولكننا لو تنزلنا على كلام النصارى في ذلك فلا شك أن من تزوج أكمل ممن لم يتزوج وأعبد لله، بدليل أن الزواج كان سنة المرسلين قال سبحانه : وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً {الرعد:38}، ومن المعلوم أن عامة الناس لابد لهم من الزواج فلا تستقيم الحياة إذا اجتمع الناس على ترك الزواج واعتبر في ذلك بحال القساوسة والرهبان الذين تركوا الزواج كيف انتهى أمرهم إلى ارتكاب الفواحش وممارسة اللواط وسائر أنواع الشذوذ الجنسي والفضائح في ذلك أكثر من أن تحصى ويعرفها العامة والخاصة وتزخر بها الصحف والمجلات العالمية.

فإذا كان لا بد للإنسان من الزواج فلا بد إذن من قدوة عملية نقتدي بها، يقتدي بها الزوج في معاملته لزوجته، والزوجة في تعاملها مع زوجها، يقتدي بها الأب في معاملة أبنائه، نعرف منه عمليا آداب النكاح والمعاشرة والجماع والحيض والنفاس والنفقة والعدل بين الزوجات والطلاق وتربية الأولاد والعدل بينهم، وتلك هي الحياة التي عاشها صاحب الرسالة المحمدية صلى الله عليه وسلم داخل أسرته المباركة ليعطي لنا المثل والقدوة بشكل عملي واضح ومباشر، ولا شك أن تأثر الناس برؤية التطبيق العملي أكثر من تأثرهم بمجرد سماعهم للأقوال مهما كان أصحابها مخلصين وصادقين، وفي النهاية لا بد من لفت الأنظار إلى أن هذه الحياة الزوجية الأسرية التي عاشها النبي محمد لم تؤثر لحظة على عبادته ولا صلاته ولا جهاده ولا قيامه على أصحابه خاصة بالنصح والإرشاد، وعلى الناس عامة بالدعوة إلى الله، فصلوات الله وسلامه عليه.

وتراجع تتميما للفائدة الفتاوى ذات الأرقام: 75653، 1570، 77809، 27986.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني