الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعجيل الزواج يحقق مصالح عظيمة ويدفع مصائب كثيرة

السؤال

خطبني شاب ذو مستوى عال من الخلق و الدين وأنا أحبه كثيرا ولظروف صعبة مر هو بها و لظروفي أنا الصعبة طالت فترة خطبتنا وبعد الفترة الطويلة الآن أهلي يرفضون و يخوفوني من هذا الزواج بأنه سيكون فاشلا بسبب ظروفنا الصعبة التي لا تتلاءم مع ظروفه الصعبة، و نحن على هذا الحال أنا والشاب منذ سنة كل يوم نحاول أن نحل مشكلة جديدة فقط من أجل أن نتزوج، والآن وصلنا لمرحله قد تعبنا نحن الاثنان ونفكر في أن يترك كل منا الآخر لأن الشاب محتاج لزوجة ولا يستطيع الانتظار أكثر وفي نفس الوقت أنا أكبر وفرص الزواج بالنسبة لي ستصبح صعبة ولأني وأمي نحتاج لرجل يساندنا في هذه الحياة الصعبة، أنا الآن أحاول محاولات أخيرة مع أهلي للحصول على الموافقة لكي لا أعلق الشاب أكثر لأجل أن يستطيع الشاب أن يكمل حياته و أنا وأمي نكمل حياتنا. مشكلتي الكبيرة التي أعاني منها الآن هو الإحساس الكبير بالذنب والظلم لهذا الشاب لأسباب عديدة منها أنه انتظرني كثيرا وأضاع سنة من عمره من أجلي و هو في أشد الحاجة للزواج، والمشكلة الأكبر أن طول المدة في هذه السنة ارتكبنا فيها معاصي كثيرة من كلام في الهاتف أو عبر النت وكأننا كنا متزوجين فقد كنا نحلم و نحلم و نحلم و ننتظر موافقة الأهل وكل يوم أسوأ من قبله، وأنا الآن حملته ذنوبا كثيرة أنا الآن أستغفر له كثيرا وأخاف عليه من العذاب أكثر من نفسي، فأرشدوني بالله عليكم كيف أرتاح، كيف تذهب الذنوب التي ارتكبها الشاب بسببي. لا أريده أن يتأذى أبدا فو الله أخاف عليه أكثر من نفسي وأتمنى له السعادة، وأستحلفكم بالله أن لا تنسوني و إياه من دعائكم بطلب المغفرة من الله سبحانه و تعالى، و نحن الآن مقبلون على شهر رمضان، أرجوكم ادعوا لنا و أرشدوني هل هناك دعاء خاص أدعو به لهذا الشاب لتمحى عنه الذنوب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أنه ينبغي على الأولياء تعجيل الزواج، متى أمكن ذلك، حرصاً على العفة والاستقامة، ودفعاً للفتنة والفساد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ. ابن ماجة الترمذي، وحسنه الألباني في الإرواء.

فالذي ننصح به أولياءك، تعجيل هذا الزواج، بالتغاضي عن الأمور التي يمكن التغاضي عنها، فإن كثيراً من الناس يؤجلون الزواج لأمور يعتبرونها من الضروريات لإتمام الزواج، ولكنها في الحقيقة مجرد أمور جرى بها العرف، ويمكن الاستغناء عنها وتستقيم الحياة بدونها، فينبغي ألا تقف هذه الأمور أمام تعجيل الزواج الذي يحقق المصالح العظيمة ويدفع المصائب الكثيرة، لا سيما مع كثرة الفتن في هذا الزمان.

ولا شك أن التنازل عن بعض أمور الدنيا ومخالفة العرف أهون عند المؤمن من التنازل عن عفته ومخالفة ربه، ويجب أن نثق بوعد الله في كتابه حيث قال تعالى: وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ {النــور:32}

أما إذا تعذر تعجيل الزواج لعدم توفر الأمور التي لا تستقيم الحياة بدونها، فعليك بالصبر حتى يرزق الله من فضله، قال تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فضله {النــور:33}.

وإن رأيت بعد الاستخارة ومشاورة العقلاء من أهلك أن المصلحة في فسخ الخطبة فلك ذلك، فإن الخطبة مجرد وعد بالزواج، وليست عقدا ملزما، والعدول عنها حق من حقوق كلا الخاطبين.

والخاطب قبل العقد حكمه حكم الأجنبي، لا يحل له شيء من المخطوبة، حتى يعقد عليها، فعليك وعليه بالتوبة، أما ما يتعلق بتوبتك وتوبة خطيبك من الأمور التي حدثت بينكما عبر الهاتف أو الانترنت، فإن شروط التوبة الصادقة: الإقلاع عن الذنب، والندم على الوقوع فيه، والعزم الصادق على عدم العودة لهذا الذنب، والله سبحانه وتعالى يقبل التوبة ويعفو عن كثير، وهو يحب التوابين.

وعليكما بالاستغفار والدعاء عموماً، وخصوصاً بالأدعية الواردة في القرآن والسنة .

وننبه السائلة إلى أن خوفها على خطيبها من عذاب الله أكثر من خوفها على نفسها، هو أمر لا يقره الشرع، وإنما يجب على الإنسان أن يخشى على نفسه أولاً، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ {التحريم:6}

وقال تعالى: يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. {عبس:34، 35، 36}

نسأل الله أن يغفر لنا ولكم وأن ييسر لكم أمركم .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني