الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في السياسة الشرعية

السؤال

ما حكم العمل في مجال من مجالات السياسة؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

العمل في السياسة الشرعية ليس بحرام؛ بل هو من فروض الكفاية التي يؤجر عليها من قام بها بصدق وإخلاص نية.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العمل في السياسة ليس بحرام ؛ بل هو من فروض الكفاية، وربما تعين على بعض الناس ممن يصلح له إذا لم يوجد من يقوم به ممن يصلح له، والسياسة الشرعية هي سياسة الناس بالدين وتدبير أمورهم التي لا تستقيم إلا عليه ولا تستقر أحوالهم إلا به، في أي مجال من مجالات الحياة ؛ فقد نص أهل العلم على وجوب تنصيب إمام للمسلمين يسوسهم ويدبر شؤون حياتهم، وأن ذلك من أهم مصالح المسلمين وأعظم مقامات الدين ؛ جاء في الأحكام السلطانية للماوردي .. والْإِمَامَةُ مَوْضُوعَةٌ لِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا، وَعَقْدُهَا لِمَنْ يَقُومُ بِهَا فِي الْأُمَّةِ وَاجِبٌ بِالْإِجْمَاعِ. انتهى

وقال سيدي عبدالله الشنقيطي في المراقي وهو يعدد فروض الكفاية:

فروضه القضا كنهي أمر * رد السلام وجهاد الكفر

إمامة منه...

ولذلك ؛ فإن العمل في السياسة يؤجر صاحبه إذا أخلص النية وقصد بعمله التقرب إلى الله تعالى والقيام بهذا الواجب العظيم الذي ذهب بعض أهل العلم إلى أنه أفضل من فرض العين، وقال أيضا في المراقي:

وهو مفضل على ذي العين في زعم الأستاذ مع الجويني

ومع الأسف فقد شوهت هذه الفريضة العظيمة حتى أصبح كثير من أهل الدين والاستقامة يفر منها، ويظن العامة أن الاشتغال بها لا يجوز، وأنها مرادفة للنفاق والخداع والغش والمكر، وكل ذلك ناشئ عن جهل بحقيقة هذا الدين العظيم وعن تلبيس ممن تشربوا بثقافة مبنية على التفرقة بين الدين والسياسة وتقول: دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله، وما دروا أن الجميع لله كما قال- سبحانه وتعالى: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ. وقال تعالى: إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ. وقال تعالى: وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا.

فدين الله شامل لجميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكل من عمل بإخلاص وصدق نية فهو مأجور إن شاء الله تعالى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني