الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من انقطاع الحيض عند سن اليأس

السؤال

أود أن أعرف ما الحكمة من سن اليأس وانقطاع دم الحيض من المرأة في هذه السن وعدم قدرتها على الإنجاب، أنا كبيرة في السن سني (36 سنة)، ورفض أهلي تزويجي لأني عائلة لأسرتي بعد مرض الوالد لسنين طويلة ووفاته عليه رحمة الله ويخشون من زواجي أن أحمل وأنجب مما يقعدني عن العمل وأنا أخشى بلوغ هذه السن وأن لا يكون لي ذرية صالحة وخاصة أن إخواني لا زالوا صغارا ويحتاجون لرعاية وصرف على تعليمهم. فأرغب في حفظ بويضاتي تحوطاً في إحدي البنوك وأنا مؤمنة تمام الإيمان بالقضاء والقدر والأرزاق، لكن أيضا أريد أن آخذ بالأسباب فهل شرعا يجوز ما أنا قادمة على فعله، وأيضا أريد أدعية ودواء شافيا للأحقاد ففي نفسي حقد دفين تجاه أهلي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما يعرف بسن اليأس الذي ينقطع فيه دم الحيض وتفقد فيه المرأة قدرتها على الإنجاب له حكم عظيمة، منها على سبيل المثال أن المرأة عند تقدم سنها تضعف قوتها، وتفقد كثيراً من نشاطها وصحتها، فإذا حملت في هذه السن فإن حياتها تكون مهددة بالأخطار، لأن صحتها حينئذ لا تتحمل متاعب الحمل والولادة والرضاع، فتتأثر كثيراً بذلك، ويتأثر أيضاً جنينها فيخرج ضعيفاً هزيلاً، مما يعرضه في حياته لكثير من الأمراض والمتاعب فاقتضت حكمة اللطيف الخبير سبحانه أن يكون وقت شباب المرأة فقط -الذي هو زمن القوة والنشاط- هو وقت الإنجاب والولادة، لأن المرأة فيه قادرة على تحمل هذه المتاعب.

أما ما ذكرت من منع أهلك لك من الزواج بحجة رعاية الأسرة فهذا ظلم كبير وإثم مبين، يتحملون وزره أمام الله سبحانه، لأن المرأة إذا تقدم لها الكفؤ فلا يجوز لوليها أن يرفض لمجرد الهوى والتعنت، وإذا فعل فإن الولاية تنتقل عنه، وهل تنتقل إلى غيره من الأولياء أم إلى السلطان خلاف بين العلماء، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 32427.

وقد اتفقوا على أنها تنتقل إلى السلطان إذا امتنع الأولياء جميعاً من تزويجها، قال ابن قدامة في المغني: أهلها ثم السلطان.. لا نعلم خلافاً بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة عند عدم أوليائها أو عضلهم، وبه يقول مالك والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأصحاب الرأي. والأصل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فالسلطان ولي من لا ولي له. وقال في موضع آخر: فإن عضل الأولياء كلهم زوج الحاكم.. انتهى.

فإن كانت بمكان ليس فيه سلطان مسلم ولا نائب عنه فيزوجها مسلم عدل بإذنها، قال في كشاف القناع: فإن تعذر ذو سلطان في ذلك المكان زوجها عدل بإذنها. انتهى.

وأما بالنسبة لحفظ البويضات في بنوك خاصة لتلقح فيما بعد فإن هذا العمل ينطوي على كثير من المخاطر ومنها عدم الاطمئنان لبقاء تلك البويضات محفوظة في بنوك الأجنة، فثمة احتمالات قوية لاختلاطها، أو العبث بها أو الأخذ منها لينتفع بها الغير -لا سيما في هذه الأزمنة التي ضعف فيها وازع الدين- مما يوقع الإنسان في الإثم، ويعرض نسبه للاختلاط، ولذا فلا يجوز الإقدام على هذا الفعل، وعليك أن تأخذي بأسباب الزواج ورفع هذا العضل عنك عن طريق القاضي، وأن تكلي أمرك إلى الله تعالى وتسأليه أن ييسر لك زوجاً صالحاً، وأن يرزقك منه ذرية طيبة إنه سميع الدعاء.

وأما بالنسبة لما تجدينه من أحقاد تجاه أهلك فإن غالب الظن السبب في ذلك هو ما سببوه لك من تأخر عن الزواج، ولذا فإن من أعظم أسباب إزالة تلك الأضغان أن تزيلي سببها، وأن تأخذي بأسباب الزواج -كما ذكرنا- وأن ترفعي عنك عضلهم، فإذا تم ذلك ورزقك الله الزوج الصالح والذرية الصالحة فإن هذا -بإذن الله تعالى- سيزيل من قلبك كثيراً من الأحقاد والضغائن تجاه أهلك، ثم عليك مع كل هذا أن تستعيني بالله على كل أمورك وأن تسأليه أن يمن عليك بقلب سليم، وأن يدفع عنك كيد الشيطان ونزغاته وهمزاته، فهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير، وللفائدة في الموضوع راجعي الفتوى رقم: 7759 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني