الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدة الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب

السؤال

إشارة إلى الفتوى رقم: 45361 ورقم: 21343 ما مصير المسلمين الباقين حيث إنهم الآن ما يقارب المليار نسمة، وأنه يوجد عدد كبير توجد فيه الصفات التي ذكرت وهي لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون هل هم لا يحاسبون أم لا، وما معنى ثلاث حثيات من حثياته...
جزاكم الله ألف خير....

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد وقع في أحاديث غير الحديث المشار إليه ما يدل على عدم انحصار هذا الوعد في العدد المذكور، فقد ورد أن مع كل ألف من السبعين ألفا سبعون ألفا أخرى، كما وردت وعود أخرى في الدخول للجنة بغير حساب ولا عذاب، ويضاف لهذا من يزيد بالشفاعة أو بالحثيات المذكورة في حديث السنن، وأهم ما يتعين البحث عنه هو العمل بما وعد الله به والإيمان والتصديق به.

وقد تكلم أهل العلم على توجيه هذا الحديث المذكور في الفتاوى، فقد قال العيني في شرح البخاري عند الكلام على الحديث المذكور في السبعين ألفا: قيل هم أكثر من هذا العدد وأجيب الله أعلم بذلك مع احتمال أن يراد بالسبعين التكثير، وقال بعضهم إن العدد المذكور على ظاهره. وقوى كلامه بأحاديث منها ما رواه الترمذي من حديث أبي أمامة رفعه، وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب وثلاث حثيات من حثيات ربي.

قال العيني: قلت احتمال الزيادة في السبعين باق لأن المراد منه ليس خصوص العدد والحثيات كناية عن المبالغة في الكثرة. قاله ابن الأثير. اهـ.

وقال ابن حجر في الفتح عند الكلام على الحديث المذكور في السبعين ألفا نقلا عن الكرماني أنه قال: فإن قيل إن المتصف بهذا أكثر من العدد المذكور فما وجه الحصر فيه ؟ وأجاب باحتمال أن يكون المراد به التكثير لا خصوص العدد.

قال ابن حجر: قلت: الظاهر أن العدد المذكور على ظاهره، فقد وقع في حديث أبي هريرة ثاني أحاديث الباب وصفهم بأنهم تضيء وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر، ومضى في بدء الخلق من طريق عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة رفعه أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر، والذين على آثارهم كأحسن كوكب دري في السماء إضاءة. وقد وقع في أحاديث أخرى أن مع السبعين ألفا زيادة عليهم، ففي حديث أبي هريرة عند أحمد والبيهقي في البعث من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سألت ربي فوعدني أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا على صورة القمر ليلة البدر فاستزدت فزادني مع كل ألف سبعين ألفا. وسنده جيد، وفي الباب عن أبي أيوب عند الطبراني وعن حذيفة عند أحمد وعن أنس عند البزار وعن ثوبان عند ابن أبي عاصم، فهذه طرق يقوي بعضها بعضا، وجاء في ذلك أيضا أحاديث أخرى: فأخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة رفعه. وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفا مع كل ألف سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، وثلاث حثيات من حثيات ربي. وفي صحيح ابن حبان أيضا والطبراني بسند جيد من حديث عتبة بن عبد نحوه بلفظ: ثم يشفع كل ألف في سبعين ألفا، ثم يحثي ربي ثلاث حثيات بكفيه، وفيه فكبر عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن السبعين ألفا يشفعهم الله في آبائهم وأمهاتهم وعشائرهم وإني لأرجو أن يكون أدنى أمتي الحثيات.

هذا وننبه إلى أنه يصعب الجزم بكون كثير من المعاصرين توجد فيهم الصفات المذكورة ولكنه يتعين على المسلمين عموما السعي في التحقق بهذه الصفات والحض على التخلق بها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني